باب القول في التوجه وفي البقاع التي يصلى عليها وإليها
  قيل له: ليس يلزم ما ذكرت، وذلك أن الجنب يصير إلى رفع الجنابة باليقين، فلم يجب أن يكون حكمه حكم من أخطأ القبلة؛ لأن الذي أخطأ القبلة يصير إليها بضرب من الاجتهاد، ولهذا قسنا عليه من تطهر بماء نجس وهو لا يعلم؛ لأنه لا يصير إلى طهارة الماء إلا بالاجتهاد دون اليقين والقطع. ومن الفرق بينهما أن القبلة مع الغيبة عن الكعبة طريقها الاجتهاد، وقد ثبت أن من أخطأها لا يعيد الصلاة إذا علم بالخطأ بعد الوقت؛ للأثر الذي بيناه، فوجب أن يكون ذلك سبيله سبيل من تطهر بماء نجس وهو لا يعلم ذلك ثم علم به بعد الوقت، هذا إذا كان الماء مختلفاً فيه وفي نجاسته، ولم يجب أن يكون سبيل الجنب أو المحدث إذا صلى ناسياً ثم علم به بعد الوقت ذلك السبيل، وكذلك من صلى الظهر قبل الزوال وهو لا يعلم؛ لأن ذلك أجمع طريقه النص وما يجري مجرى النص(١) مما يوجب القطع.
  واستدل بعض أصحابنا على ذلك بأن قال: إن التحري هو الالتماس للوقت؛ ألا ترى أنه لا وجه للتحري إذا لم يكن التباس؟ وكذلك لو كان الوقت ممتداً لكان يترك الصلاة إلى أن يعاين، ولا يتحرى، فإذا ثبت ذلك فمضي الوقت مع الالتباس يوفر أسباب التحري، فإذا علم الخطأ والوقت باق فأسباب التحري غير موفرة، وتجب الإعادة.
مسألة: [في التنفل على ظهر الراحلة والمحمل وكيفية ذلك]
  قال: والمسافر يتنفل على ظهر راحلته أينما توجهت به.
  وهذا قد نص عليه في الأحكام(٢) عند ذكره صلاة الليل، قال: إن كان في محمل حول وجهه نحو القبلة، وإن كان على الراحلة صلى حيث توجهت.
  وقال: فإذا جاءت الفريضة فالأرض إلا من بلاء عظيم وخوف جسيم.
(١) هو الإجماع كما يأتي.
(٢) الأحكام (١/ ١٤٥).