باب القول في صفة الصلاة وكيفيتها
  وروي: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وشيء معها»(١).
  وفي بعض الأخبار: «وسورة من القرآن».
  وعن أبي سعيد الخدري قال: «أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر»(٢).
  وقال ÷ في حديث رِفَاعَة بن رافع للأعرابي: «ثم اقرأ فاتحة الكتاب وما تيسر».
  وليس لأحد أن يقول: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» هو لنفي الكمال دون الإجزاء؛ لأن «لا» موضوع للنفي، والمنفي ما تتناوله لا، فيجب على هذا أن يكون ظاهر الخبر يوجب أن من لم يقرأ فاتحة الكتاب وقرآناً معها فلا صلاة مجزية ولا كاملة.
  فإن قيل: الخبر لا ظاهر له؛ لأنا نعلم الصلاة حاصلة وإن لم يقرأ فيها ما ذكرتم.
  قيل له: لسنا نسلم أن اسم الصلاة ينطلق على ما ذكرتم إلا على وجه المجاز؛ لأن اسم الصلاة لا يتناول إلا صلاة صحيحة، وإذا لم يقرأ فيها ما ذكرنا فلا تسمى صلاة على الإطلاق، هذا الذي نختاره في جميع الأسماء الشرعية.
  فإن قيل: فقد قال الله تعالى: {فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ}[المزمل: ٢٠]، فمن قرأ بشيء من القرآن فقد أدى ما عليه.
  قيل له: الآية مبنية - لأنها عامة - على ما رويناه عن النبي ÷؛ لأنه خاص، ومن مذهبنا بناء العام على الخاص.
  فإن قيل: هذا لا يوجب أن يكون من بناء العام على الخاص، بل يجب أن يكون نسخاً؛ لأن الآية تقتضي التخيير في القراءة، والخبر يقتضي المنع من التخيير ويعين الوجوب في فاتحة الكتاب.
(١) أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (١/ ٢١٣).
(٢) أخرجه أبو داود (١/ ٢٥٧) وأحمد في المسند (١٧/ ٣١).