كتاب الصلاة
  فيل له: ليس الأمر على ذلك؛ لأن الخبر أوجب قراءة فاتحة الكتاب، وحكم التخيير بعدها قائم؛ لأن الإنسان مخير بعدها فيما يقرؤه، فليس يجب أن يكون فيه نسخ، بل يجب أن يكون على ما قلناه حتى يكون تقدير الخبر والآية: اقرؤوا فاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن.
  وهذا السؤال إنما يتوجه على من يقول: إن قراءة فاتحة الكتاب فرض دون ما عداها، فأما نحن فمذهبنا أنه لا بد معها من غيرها من القرآن، فالسؤال ساقط عنا، ونحن نرتب هذا السؤال على وجه يكون دليلاً لنا على من زعم أن الفرض هو قراءة فاتحة الكتاب دون ما عداها، بأن نقول: قد ثبت أن الله تعالى ألزمنا قراءة خيرنا فيها بقوله تعالى: {فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ}، وألزمنا على لسان رسول الله ÷ قراءة فاتحة الكتاب، ولا يجوز أن يكون الفرضُ المعينُ هو الفرضَ المخير فيه؛ لأن تقدير ذلك أن يقول: {ٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ} وهو فاتحة الكتاب، وهذا خلف من الكلام؛ ألا ترى أنه لا يصح أن يقول القائل لآخر: الق من شئت وهو زيد، وإنما يصح أن يقول: إلق من شئت وزيداً؟ وإذا ثبت ذلك جرى تقدير الآية والخبر مجرى أن يقول: {ٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ}واقرؤوا فاتحة الكتاب، فيجب قراءة فاتحة الكتاب مع غيرها من القرآن.
  فإن قيل: لو كان ما عداها فرضاً لم يثبت فيه التخيير، بل عين في فاتحة الكتاب مع غيرها من القرآن.
  قيل له: هذا فاسد؛ لأن التخيير لا يمنع الفرض؛ ألا ترى أن كفارة الواجد مخير فيها، وكفارة يمين المعدم معينة؛ لأن الواجد مخير بين الإطعام والكسوة والعتق، والمعدم فرضه في الصيام، فكذلك التخيير فيما عدا فاتحة الكتاب لا يخرجه من أن يكون فرضاً.
  فإن قيل: فلم قلتم إن تكرير القراءة غير واجب في كل ركعة؟