شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 497 - الجزء 1

  قيل له: لأن الآية والخبر أوجبا قراءة مرة واحدة؛ ألا ترى إلى قوله تعالى: {فَٱقۡرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِۚ} وإلى قول النبي ÷: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» وقوله: «لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها فاتحة الكتاب»، وقوله: «كل صلاة لا يقرأ فيها فاتحة الكتاب فهي خداج»⁣(⁣١)؟ فمن قرأ فاتحة الكتاب مرة واحدة يكون قد خرج من عهدة الخبر، ومن قرأ معها غيرها من القرآن امتثل حكم الآية، فبان أن الفرض من ذلك مرة واحدة.

  واستدل يحيى # على ذلك بأن قال: إن اسم الصلاة يتناول جملتها دون أجزائها، فالواجب أن تحصل القراءة في جملتها دون أجزائها بقضية⁣(⁣٢) الظواهر التي ذكرنا من الكتاب والسنة، قال: وكل ركعة على حيالها لا تسمى صلاة، فلا يجب أن يكون قوله: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب»، و «كل صلاة لا يقرأ فيها فاتحة الكتاب فيه خداج» موجباً قراءتها في كل ركعة، على أن القراءة مقيسه على سائر الأذكار من تكبيرة الافتتاح والتشهد الأخير والتسليم في أنها لا يتكرر فرضها كما لا يتكرر فرض هذه الأذكار.

  ومما يدل على ذلك أيضاً أنه لا خلاف⁣(⁣٣) في أن من أدرك الإمام راكعاً فقد أدرك الركعة، فلو كانت القراءة فرضاً في جميع الركعات لكان المدرك للركوع غير مدرك للركعة؛ إذ⁣(⁣٤) لم يدرك القراءة، فبان أن سبيلها سبيل تكبيرة الركوع، وقياس عليها.


(١) أخرجه مسلم (١/ ٢٩٧)، وابن ماجه (١/ ٢٧٤).

(٢) في (ب): كما تقتضيه.

(٣) الخلاف واقع.

(٤) في (أ، ب، د): إذا.