شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 516 - الجزء 1

  حدثنا محمد بن عبدالله بن الحسن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ÷: «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، ولكن يضع يديه قبل ركبتيه»⁣(⁣١).

  فإن قيل: روي عن أبي هريرة خلافه، عن النبي ÷، وأنه شبه وضع اليدين قبل الركبتين ببروك البعير⁣(⁣٢).

  قيل له: خبرنا أولى؛ لأن الذي فيه من التشبيه أصح، وذلك أن البعير أول ما يضع على الأرض المفصل الذي في يديه، وذلك المفصل يجري من البعير مجرى الركبة من بني آدم، فاعتماد الإنسان على ركبتيه قبل يديه أشبه ببروك البعير على ما بيناه.

  فإن قيل: فقد انفرد حديث وائل بن حجر بأن النبي ÷ كان يضع ركبتيه قبل يديه.

  [قلنا: معارض بما رويناه عن نافع عن ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه⁣(⁣٣)].

  والنظر أيضاً يؤكد ما اخترناه من وضع اليدين قبل الركبتين، وذلك أنا وجدنا الأحكام الشرعية المتعلقة باليد والرجل تبدأ بما يكون من حكم اليد على حكم الرجل، مثل الطهارة والقطع، ولم نجد حكم الرجل يبدأ به على حكم اليد، فوجب أن يبدأ بوضع اليدين قبل وضع الركبتين، وليس لأحد منهم أن يرجح مذهبه بأنه أشق؛ لأنا لا نعلم في كل موضع أن الأشق أولى، كيف وقد قال الله ø: {وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ}⁣[الحج: ٨٧]؟!

  فإن قيل: إن⁣(⁣٤) ذلك أولى؛ لأنه على التوالي يبدأ بالركبتين ثم باليدين ثم بالجبهة.


(١) شرح معاني الآثار (١/ ٢٥٤).

(٢) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٢٥٥).

(٣) ما بين المعقوفين من (د) وظنن به في (ب)، وفي هامش (أ) نحوه.

(٤) في (ب): فإن.