شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة الصلاة وكيفيتها

صفحة 535 - الجزء 1

  على شيء رفعه على جبهته بكفه»⁣(⁣١).

  فلما ثبت ما ذكرناه من هذين الخبرين أن النبي ÷ سجد في حال ولم يسجد في أخرى ثبت أن السجود غير واجب، وأن الإنسان مخير فيه.

  وأخبرنا أبو بكر [المقرئ، حدثنا أبو جعفر الطحاوي، عن ابن مرزوق، قال: حدثنا أبو عامر وبشر بن عمر، عن⁣(⁣٢)] ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبدالرحمن، عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة: «أن النبي ÷ قرأ: {وَٱلنَّجۡمِ} فسجد وسجد الناس معه، إلا رجلين أرادا الشهرة».

  فدل هذا الخبر أيضاً أنه غير واجب؛ إذ لو كان واجباً لأنكر النبي ÷ بتركه على الرجلين ولم يقارهما عليه.

  وروى الطحاوي بإسناده عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن عمر قرأ السجدة وهو على المنبر يوم الجمعة، فنزل فسجد وسجدنا معه، ثم قرأها⁣(⁣٣) يوم الجمعة الأخرى فتهيأوا للسجود، فقال عمر: على رَِسلكم، إن الله ø لم يكتبها علينا إلا أن نشاء، فقرأها ولم يسجد، ومنعهم أن يسجدوا⁣(⁣٤).

  ومثله إذا جرى منه بحضرة المهاجرين والأنصار ولم ينكر منهم أحد جرى مجرى الإجماع.

  فإن قيل: فظاهره يدل على أنها قد كتبت علينا إن شئنا.

  قيل: هذا التأويل خلاف الإجماع، فوجب أن يكون ساقطاً، ومعناه إلا أن نشاء فإنه مستحب، وهذا من استثناء الشيء من غير جنسه، فكأنه قال: لم يكتب علينا؛ لكن إن نشاء فإنه مستحب.


(١) شرح معاني الآثار (١/ ٣٥٣)، وفيه: وحتى سجد الرجل على شيء رفعه إلى وجهه بكفه.

(٢) ما بين المعقوفين من شرح معاني الآثار.

(٣) في المخطوطات: فقرأ. والمثبت من شرح معاني الآثار.

(٤) شرح معاني الآثار (١/ ٣٥٤).