باب القول في صفة الصلاة وكيفيتها
  على شيء رفعه على جبهته بكفه»(١).
  فلما ثبت ما ذكرناه من هذين الخبرين أن النبي ÷ سجد في حال ولم يسجد في أخرى ثبت أن السجود غير واجب، وأن الإنسان مخير فيه.
  وأخبرنا أبو بكر [المقرئ، حدثنا أبو جعفر الطحاوي، عن ابن مرزوق، قال: حدثنا أبو عامر وبشر بن عمر، عن(٢)] ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبدالرحمن، عن محمد بن عبدالرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة: «أن النبي ÷ قرأ: {وَٱلنَّجۡمِ} فسجد وسجد الناس معه، إلا رجلين أرادا الشهرة».
  فدل هذا الخبر أيضاً أنه غير واجب؛ إذ لو كان واجباً لأنكر النبي ÷ بتركه على الرجلين ولم يقارهما عليه.
  وروى الطحاوي بإسناده عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن عمر قرأ السجدة وهو على المنبر يوم الجمعة، فنزل فسجد وسجدنا معه، ثم قرأها(٣) يوم الجمعة الأخرى فتهيأوا للسجود، فقال عمر: على رَِسلكم، إن الله ø لم يكتبها علينا إلا أن نشاء، فقرأها ولم يسجد، ومنعهم أن يسجدوا(٤).
  ومثله إذا جرى منه بحضرة المهاجرين والأنصار ولم ينكر منهم أحد جرى مجرى الإجماع.
  فإن قيل: فظاهره يدل على أنها قد كتبت علينا إن شئنا.
  قيل: هذا التأويل خلاف الإجماع، فوجب أن يكون ساقطاً، ومعناه إلا أن نشاء فإنه مستحب، وهذا من استثناء الشيء من غير جنسه، فكأنه قال: لم يكتب علينا؛ لكن إن نشاء فإنه مستحب.
(١) شرح معاني الآثار (١/ ٣٥٣)، وفيه: وحتى سجد الرجل على شيء رفعه إلى وجهه بكفه.
(٢) ما بين المعقوفين من شرح معاني الآثار.
(٣) في المخطوطات: فقرأ. والمثبت من شرح معاني الآثار.
(٤) شرح معاني الآثار (١/ ٣٥٤).