كتاب الصلاة
  وقد روي عن عطاء بن يسار أنه سأل أبي بن كعب هل في المفصل سجدة؟ قال: لا(١).
  ويجب أن يكون أراد: ليست فيها(٢) سجدة واجبة؛ لأن أبياً قد قرأ القرآن وعرفه، حتى قال ÷: «أبي أقرؤكم» ولا يجوز أن يخفي عليه أن النبي ÷ سجد في {وَٱلنَّجۡمِ}؛ لشهرة ذلك.
  وروى أيضاً أبو هريرة أن النبي ÷ سجد في: {ٱقۡرَأۡ} و {إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتۡ ١} ومن البعيد أن يخفى ذلك على أبي |.
  وروي عن زيد بن أسلم أن غلاماً قرأ عند النبي ÷ السجدة، فانتظر الغلام النبي ÷ يسجد فلم يسجد، فقال: يا رسول الله، أليس فيه سجدة؟ قال: «بلى؛ ولكنك إمامنا، فلو سجدت سجدنا»(٣).
  فدل ذلك على أنه غير واجب؛ إذ لو كان واجباً لسجد النبي ÷ وأمر القارئ أن يسجد.
  [ومما يدل على ذلك: أن آية السجدة قياس سائر الآيات التي لا سجود فيها](٤)، بمعنى أنها آية من القرآن، فوجب ألا يكون السجود لقراءتها واجباً. وتقاس أيضاً على الآية التي في آخر سورة الحج، وهي قوله تعالى: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱرۡكَعُواْ وَٱسۡجُدُواْۤ}[الحج: ٧٧]، وعلى قوله تعالى: {ٱقۡنُتِي لِرَبِّكِ وَٱسۡجُدِي وَٱرۡكَعِي مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ ٤٣}[آل عمران: ٤٣]، والعلة أنها آية فيها ذكر السجود.
  فإن قال قائل: قول الله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقُرۡءَانُ لَا يَسۡجُدُونَۤ۩ ٢١}[الانشقاق]
(١) شرح معاني الآثار (١/ ٣٥٤).
(٢) في (ب): «فيه» ظن.
(٣) أخرج نحوه البيهقي في السنن الكبرى (٢/ ٤٥٩).
(٤) ما بين المعقوفين من المطبوع. وقال في هامش إحدى المخطوطات: عبارة ابن أبي الفوارس في التعليق: «ولأنها آية من القرآن فأشبهت سائر الآي التي لا سجود فيها» وكذا في شرح القاضي زيد.