باب القول في صفة الصلاة وكيفيتها
  إبراهيم بن شنبذِين، قال: أخبرنا أبو قلابة عبدالملك بن محمد الرقاشي، قال: أخبرنا أبو زيد الهروي وأبو الوليد(١)، قالا: حدثنا شعبة، عن سليمان يعني الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن تميم بن طَرَفَة، عن جابر بن سمرة، قال: دخل النبي ÷ المسجد وهم رافعون أيديهم في الصلاة، فقال: «ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شُمْس؟! اسكنوا في الصلاة»(٢).
  وأخبرنا أحمد بن علي النيسابوري، قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن إبراهيم العدل، قال: حدثنا أحمد بن العباس بن حمزة، قال: حدثنا محمد بن مهاجر البغدادي، قال: حدثنا أبو معاوية ويحيى بن سعيد القطان، قالا: حدثنا الأعمش، عن المسيب، عن تميم، عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله ÷: «ما لي أراكم رافعي أيديكم في الصلاة كأنها أذناب خيل شمس؟ اسكنوا في الصلاة».
  ففي هذا الحديث دلالة من وجهين على صحة ما اختاره القاسم ويحيى @:
  أحدهما: قوله: «ما لي أراكم رافعي أيديكم في الصلاة كأنها أذناب خيل شمس؟» فذم رفع أيديهم في الصلاة، وذلك يقتضي النهي، ويجري مجرى قوله: لا ترفعوا أيديكم في الصلاة، وذلك يشتمل على التكبيرة الأولى وسائر التكبيرات والقنوت في أن رفع الأيدي عندنا منهي عنه.
(١) هشام بن عبدالملك الطيالسي. (كاشف).
(٢) قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في كتابه مجمع الفوائد (٢٤٩/ ط ٣) تعليقاً على هذا الحديث: هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُم فَعَلُوا رَفْعًا لَمْ يُشْرَعْ قَطّ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنَّهُ نَسْخٌ لِشَيءٍ قَدْ شُرِعَ، وَالْمَعْلُومُ أَنَّ رَفْعَ اليَدَيْنِ قَدْ شُرِعَ. وَدَلِيلٌ أَيْضًا أَنَّ الرَّفْعَ مِنْهُم كَانَ فِي الصَّلَاةِ، وَرَفْعُ اليَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى هُوَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهَا، أَمَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهَا فَإنَّمَا يَكُونُ الإِرْسَال. وَأَيْضًا: التَّشْبِيهُ يَقْتَضِي أَنَّهُم أَمَالُوهَا يَمْنَةً وَيَسْرَةً كَفِعْلِ الخْيَلِ بِأَذْنَابِهَا، وَذَلِكَ يُحَقِّقُ السَّبَبَ الْمَرْوِيَّ مِنْ أَنَّهُم كَانُوا يُشِيرُونَ بِهِمَا عِنْدَ السَّلَامِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً، وَهْوَ الَّذِي رَوَاهُ الإِمَامُ قَبْلَ الْفَصْلِ الْمَارِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، فَتَأَمَّلْ فَذَلِكَ وَاضِحٌ، وَاللَّهُ وَلِيُّ التَّوْفِيق.