شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 539 - الجزء 1

  والوجه الثاني: قوله: «اسكنوا في الصلاة»؛ لأنه أوجب السكون في الصلاة، ورفع الأيدي ترك له، فوجب أن يكون منهياً عنه⁣(⁣١).

  وأخبرنا أبو العباس الحسني، قال: أخبرنا ابن شنبذين، قال: حدثنا أبو قلابة، [قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث وبشر بن عمر، قالا⁣(⁣٢)]: حدثنا شعبة، عن عبد ربه بن⁣(⁣٣) سعيد، عن أنس بن أبي أنس، عن عبدالله بن نافع بن العمياء، عن عبدالله بن الحارث، عن المُطَّلِب بن أبي وَدَاعَة، أن رسول الله ÷ قال: «الصلاة مثنى مثنى خشوع⁣(⁣٤) وتسكن» فأوجب ÷ التسكن فيها.

  فإن قيل: يحتمل أن يكون قوله: «مالي أراكم رافعي أيديكم في الصلاة»؟ خرج في قوم رفعوا أيديهم في غير موضع الرفع.

  قيل له: إنه ÷ ذم رفع الأيدي في الصلاة من غير أن يكون استثنى منها موضعاً من موضع؛ فاقتضى ذلك النهي عن رفع الأيدي فيها عاماً من غير تخصيص، وذلك هو ما ذهبنا إليه⁣(⁣٥).


(١) هذا تصريح بأن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن الضد. (من هامش أ).

(٢) ما بين المعقوفين من الكاشف المفيد.

(٣) في (أ، ب): عبد ربه عن سعيد. وهو تصحيف.

(٤) في (ب): فتبأس. نخ.

(٥) قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في كتابه مجمع الفوائد (٢٤٩: ٢٥١/ ط ٣) تعليقاً على هذا الموضع: قَوْلُهُ #: «إِنَّهُ ÷ نَهَى عَنْ رَفْعِ الأَيْدِي فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ اسْتَثْنَى مِنْهَا مَوْضِعًا مِنْ مَوْضِعٍ، فَاقْتَضَى ذَلِكَ: النَّهْيَ عَنْ رَفْعِ الأَيْدِي فِيهَا عَامًّا مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ» إلخ كَلامِهِ.

قَالَ أَيَّدَه اللَّهُ تَعَالَى: إِنْ كَانَ عَامًّا فَيَجِبُ تَخْصِيصُهُ بِمَا صَحَّ وَثَبَتَ مِنْ رَفْعِ اليَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى بِرِوَايَةِ أَئِمَّةِ الْعِتْرَةِ $ وَسَائِرِ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ، حَتَّى رِوَايةِ الإِمَامِ الهَادِي إِلَى الْحَقِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ÷ فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ.

وَلَوْ كَانَ الرَّفْعُ مَنْهِيًّا عَنْهُ، وَوُجُوبُ سُكُونِ اليَدَيْنِ ثَابِتٌ فِي التَّكْبِيرَةِ الأُولَى وَغَيْرِهَا لَمْ تَجُزْ فِي أَيِّ صَلَاةٍ، وَإِنْ خُصِّصَتْ صَلَاةُ الْجَنَازَةِ وَجَبَ أَنْ نَخُصَّ سَائِرَ الصَّلَوَاتِ بِمِثْلِ مَا خُصَّتْ بِهِ، وَهْوَ ثُبُوتُ فِعْلَهَا فِي الأُولَى. =