كتاب الصلاة
  ومنه حديث زيد بن علي، عن آبائه، عن علي $ بإسناد له تقدم في الكتاب أن النبي ÷ رأى رجلاً يعبث بلحيته في صلاته فقال: «لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه».
  فأما الأخبار الواردة في رفع اليدين عند التكبيرات فهي عندنا منسوخة(١)
(١) قال الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # في كتابه مجمع الفوائد (٢٥١: ٢٥٦/ ط ٣) تعليقاً على هذا الكلام: اعْلَمْ وَفَّقَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ لِلْحَقِّ وَالتَّحْقِيقِ أَنَّ دَعْوَى النَّسْخِ لِرَفْعِ اليَدَيْنِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ لَا يَسْتَقِيمُ بِحَالٍ. أَمَّا أَوَّلًا: فَقَدْ صَحَّ بِرِوَايَة أَئِمَّةِ الْهُدَى وَغَيْرِهِم أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ # اسْتَمَرَّ عَلَى فِعْلِهِ بِقَوْلِهِم: (كَانَ). وَهْوَ لَا يَسْتَمِرُّ عَلَى فِعْلِ الْمَنْسُوخِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الْحَقِّ، وَهَذَا مُقَرَّرٌ عِنْدَ أَعْلَامِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَآلَهُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَلَا مُوجِبَ لِلإِطَالَةِ. وَأَمَّا ثَانِيًا: فَالنَّسْخُ مِنَ الْحَكِيمِ لَا يَصْدُرُ بِصِيغَةِ الاسْتِنْكَارِ وَالاسْتِهْجَانِ وَالتَّشْبِيهِ بِالأَذْنَابِ لِمَا قَدْ شَرَعَهُ قَطْعًا. وَأَمَّا ثَالِثًا: فَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالنَّسْخِ مَعَ إِمْكَانِ الْجَمْعِ، فَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ النَّهْيُ وَالأَمْرُ بِالسُّكُونِ عَلَى غَيْرِ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى الَّتِي ثَبَتَ فِعْلُهَا وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ # وَأَوْلَادُهُ الَّذِينَ هُمْ أَقْرَبُ إِلَيْهِ.
إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَالرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ بِالرَّفْعِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ ثَابِتَةٌ فِي جَمِيعِ كُتُبِ أَهْلِ البَيْتِ الْمُعْتَمَدَةِ: (مَجْمُوعِ الإِمَامِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ) عَنْ آبَائِهِ عَنْ عَلِيٍّ $ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ: لَفْظُ الرِّوَايَةِ الأُولَى: (أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأُولَى إِلَى فُرُوعِ أُذُنَيْهِ، ثُمَّ لَا يَرْفَعُهُمَا حَتَّى يَقْضِيَ صَلَاتَهُ).
وَلْفَظُ الثَّانِيَةِ: (أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأُولَى ثُمَّ لَا يَعُودُ).
وَالثَّالِثَةِ: بِرِوَايَةِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ÷ بِسَمَاعِ الإِمَامِ زَيْدٍ # وَتَقْرِيرِهِ.
وَ (الْمَجْمُوعُ) هُوَ الْمُتَلَقَّى بِالْقَبُولِ عِنْدَ أَهْلِ البَيْتِ $.قَالَ الإِمَامُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ الْحَسَنِ @: «وَالْمَجْمُوعُ مُتَلَقَّى بِالْقَبُولِ عِنْدَ أَهْلِ البَيْتِ $، وَهْوَ أَوَّلُ كِتَابٍ جُمِعَ فِي الْفِقهِ». وَقَالَ مُحَدِّثُ اليَمَنِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الوَزِيرُ ®: «وَلَا يَمْتَرِي أَئِمَّتُنَا فِي عَدَالِةِ أَبِي خَالِدٍ وَصِدْقِهِ وَثِقَتِهِ، وَأَحَادِيثُهُ فِي جَمِيعِ كُتُبِهِمْ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الإمَامُ الهادِي # بِضْعًا وَعِشْرِينَ حَدِيثًا»، إِلَى قَوْلِهِ: «وَهْوَ مُسَلْسِلُ الأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ بِسَنَدِ السِّلْسِلَةِ الذَّهَبِيَّة». انتهى من (علوم الحديث). وَقَالَ الإِمَامُ القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ @ فِي أَبِي خَالِدٍ: «وَقَدْ عَدَّلَهُ أَئِمَّةُ الهدى، وَالَّذِي قَدَحَ فِيهِ النَّوَاصِبُ». انتهى.
قُلْتُ: فَالَّذِينَ يُشَكِّكُونَ فِيهِ مِنْ أَهْلِ الْغَفْلَةِ وَالْقُصُورِ قَدْ بَارَكُوا كَلَامَ النَّوَاصِبِ، وَسَاعَدُوهُم بِالْقَدْحِ فَي أَصَحِّ وَأَصْلَحِ وَأَجْمَعِ وَأَنْفَعِ كُتُبِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم الصَّلَوَاتُ وَالتَّسْلِيمُ.
وَمَا قَدَحَ فِيهِ النَّوَاصِبُ إِلَّا لِأَنَّ فِيهِ مَا يَقْطَعُ دَابِرَهُمْ، {وَمَا نَقَمُواْ مِنۡهُمۡ إِلَّآ أَن يُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ ٨}[البروج]. وَرِوَايَاتُهُ مُعْتَمَدَةٌ فِي جَمِيعِ مُؤَلَّفَاتِهِمْ، مِنْهَا أَمَالِي الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى @، وَأَحْكَامُ الإِمَامِ الهَادِي #، بَلْ أَخْبَارُهُ النَّافِعَةُ فِيهِ مِنْ طَرِيقِهِ، وَبِسَاطُ الإِمَامِ النَّاصِرِ لِلْحَقِّ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ @، وَ (شَرْحُ التَّجْرِيدِ) لِلإِمَامِ الْمُؤيَّدِ بِاللَّهِ، وَهْوَ أَحَدُ طُرُقِهِ الأَرْبَعُ، وَشَرْحُ التَّحْرِيرِ للإِمَامِ أَبِي طَالِبٍ @، وَالْجَامِعُ الْكَافِي، وَالأَمَالِيَّاتُ، وَأُصُولُ الأَحْكَامِ، وَالشَّافِي، وَالشِّفَاءُ، وَالْبَحْرُ، وَالاِعْتِصَامُ، كُلُّهَا مَشْحُونَةٌ بِأَخْبَارِهِ، فَالْقَدْحُ فِيهِ قَدْحٌ فِي جَمِيعِهَا. وَالسَّلَفُ وَالْخَلَفُ يُصَدِّرُونَ أَسَانِيدَهُمْ إِلَيْهِ، وَجَمِيعُ رُوَاتِهِ مَنْ أَعْلَامِ الْعِتْرَةِ الأَبْرَارِ، وَأَوْلِيَائِهِم الأَخْيَارِ، مِنْ لَدَيْنَا إِلَى إِمَامِ الأَئِمَّةِ، وَهَادِي هُدَاةِ الأُمَّةِ، الإِمَامِ =