شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 542 - الجزء 1

  بقوله ÷: «ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس»؟ وبقوله: «اسكنوا في الصلاة».


= الأَعْظَمِ، الوَلِيِّ بْنِ الوَلِيِّ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ $.وَقَدْ خُرِّجَتْ أَخْبَارُهُ مِنْ سَائِرِ كُتُبِ الإِسْلَامِ، فَهْوَ الْحَقِيقُ بِأَنْ يُقَالَ فِيهِ: إِنَّهُ أَصَحُّ كِتَابٍ بَعْدَ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.

نَعَم، وَالرَّفْعُ مَرْوِيٌّ فِي أَمَالِي الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى @، وَفِي الْجَامِعِ الْكَافِي، وَفِي أَحْكَامِ الإِمَامِ الهَادِي إِلَى الْحَقِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ÷ أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيْهِ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ، وَهْيَ مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَهُ، وَلَمْ يَقُلْ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ إِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِهَا.

وَلَوْ أَنَّهُ فِعْلٌ جَاهِلِيٌّ أَوْ مُسْتَنْكَرٌ لَمْ يَجُزْ فِي أَيِّ صَلَاةٍ.

وَلَوْ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لَمْ يَرْوِهِ القَاسِمُ وَالهَادِي @ مُقَرِّرَيْنِ لَهُ.

فَذَلِكَ دَلِيلٌ وَاضِحٌ فِي أَنَّ الإِمَامَ الهَادِي # قَدْ رَجَعَ إِلَى الْقَوْلِ بِالرَّفْعِ، كَمَا رَجَعَ إِلَى الْقَوْلِ بِالْمَسْحِ عَلَى الْجَبَائِرِ.

وَقَدْ جَعَلَهُ - أَي الْمَسْحَ - الإِمَامُ الْمُؤيَّدُ بِاللَّهِ # قَوْلَهُ الأَخِيرَ، وَهْوَ فِي (الْمُنْتَخَب)، وَقَالَ فِيهِ: «قَدْ رُويتْ فِي ذَلِكَ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ عَنِ النَّبِيِّ ÷ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَةِ الأُولَى إِلَى قَرِيبِ الأُذُنَيْنِ أَوِ الْخَدَّيْنِ أَوِ الْمَنْكِبَيْنِ ...» إِلى آخِرِهِ.

فَقَدْ أَثْبَتَ الرِّوَايَةَ لَهُ، وَوَصَفَهَا بِالْكَثْرَةِ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إِنَّهُ فِعْلٌ جَاهِلِيٌّ.

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ فِي جَوَابِ الرَّازِي، فَيَجِبُ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى الرَّفْعِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ لِمُخَالَفَتِهَا لِلْمَعْلُومِ، وَهْوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَنَهَى عَنْهُ فَي خَفْضٍ وَرَفْعٍ)، وَهَذَا يُفِيدُ بِمَفْهُومِهِ عَدَمَ النَّهْيِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَيْسَ إِلَّا فِي الأُولَى.

إِذَا عَرَفْتَ هَذَا، فَرَفْعُ اليَدَيْنِ عِنْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى هُوَ مَذْهَبُ أَعْلَامِ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: الإِمَامِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَحْمَدَ بْنِ عِيسَى، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، وَالْحَسَنِ بْنِ يَحْيَى، وَالنَّاصِرِ الأُطْرُوشِ، وَالْمُؤيَّد بِاللَّهِ، وَإِنْ ذَكَرَ النَّسْخَ هُنَا فَهْوَ لَا يَقُولُ بِهِ لِمَذْهَبِهِ، وَقَدْ أَلْمَحَ لِلْمُتَأَمِّلِ بِقَوْلِهِ: (عِنْدَ التَّكْبِيرَاتِ) أَي كُلِّهَا لَا بَعْضِهَا، وَإِنْ رَجَعَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ إِلَى الأُولَى فَقَدْ صَحَّحَ رِوَايَةَ الرَّفْعِ.

وَاسْتِدْلَالُهُ بِقَوْلِهِ: (ثُمَّ لَمْ يَعُدْ) فِي غَايَةِ الضَّعْفِ؛ إِذْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَعُدْ فِي سَائِرِ التَّكْبِيرَاتِ، كَمَا هُوَ الصَّرِيحُ فِي سَائِرِ الرِّوَايَاتِ: (ثُمَّ لَا يَرْفَعُهُمَا حَتَّى يَقْضِيَ صَلَاتَهُ).

وَلَا يَخْفَى عَلَى الإِمَامِ # سُقُوطُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ يُورِدُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقُولُ بِهِ.

نَعَم، وَالرَّفْعُ فِي الأُولَى هُوَ مَذْهَبُ جَدِّهِ الإِمَامِ القَاسِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ $، فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْهُ، وَهْوَ الْمُلَازِمُ لَهُ مُدَّةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَهْوَ الَّذِي يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: «يُكْرَهُ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ فِي رَفْعٍ وَخَفْضٍ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الأُولَى»، وَذَكَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ÷ نَهَى عَنْ ذَلِكَ - إِثْبَاتٌ لَهُ فِيهَا.

وَتَقْيِيدُ النَّهْيِ بِالرَّفْعِ وَالْخَفْضِ رِوَايَةٌ لِثُبُوتِهِ بِالْمَفْهُومِ فِي غَيْرِهِمَا.

وَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ القَوْلُ الأَخِيرُ لِلإِمَامِ الهَادِي إِلَى الْحَقِّ #.

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَجُوزُ أَنْ تُطْرَحَ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ لِمُجَرَّدِ اجْتِهَادِ مُجْتَهِدٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ، هَذَا غُلُوٌّ لَا يَرْضَى بِهِ الإِمَامُ الهَادِي إِلَى الْحَقِّ #، وَحَاشَاهُ فَهْوَ مِنْ أَعْظَمِ الدُّعَاةِ إِلَى اتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْجِهَادِ وَالاِجْتِهَادِ، وَاللَّهُ تَعَالَى وَلِيُّ التَّوْفِيقِ وَالسَّدَادِ إِلَى سَبْيِلِ الرَّشَادِ.