شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 586 - الجزء 1

  صحة صلاته، وليس كذلك الإمام إذا كان جنباً؛ لأن صلاته لا تنعقد، فهي باطلة فاسدة، وقد ائتم به القوم، فيجب أن تكون صلاتهم فاسدة.

  ومما يدل على ذلك: أنه لا خلاف في أن الإمام إذا علم من حاله أنه جنب فائتم به قوم أن صلاتهم باطلة كصلاته، فكذلك إذا لم يعلموا، والعلة أنهم ائتموا بمن صلاته فاسدة، وبهذه العلة يقاس على من صلى خلف الكافر. ويجوز أن يقاس على من صلى خلف المرأة وهو لا يعلم بعلة أنه صلى خلف من هو على صفة لو علم أنه عليها لم يصح الائتمام به، فكذلك من صلى خلف الجنب وهو لا يعلم بعلة أنه صلى خلف من هو على صفة لو علم أنه عليها لم يصح الائتمام به، وعلتنا مرجحة بالنقل، وبأنها تقتضي عبادة زائدة.

  فإن ادعوا أن ذلك يؤدي إلى المشقة، وفصلوا بين الصلاة خلف المرأة والكافر والصلاة خلف الجنب، وقالوا: إن حال المرأة والكافر لا يخفى، وحال الجنب يخفى - كان فاسداً؛ لأنه فصل مع⁣(⁣١) وجود العلة⁣(⁣٢)؛ ولأنه لا يؤدي إلى المشقة، وإنما يقال في مثله: إنه يؤدي إلى المشقة إذا كان مما يكثر ويتكرر، وهذا مما يقل؛ ولعله لا يتفق في الأعصار، فكيف يقال في مثله: إنه يؤدي إلى المشقة؟

  فإن قالوا: إن المأموم لا يجوز أن يكلف العلم بطهارة الإمام، وإذا لم يجز ذلك لم يكن مفرطاً، وإذا لم يكن مفرطاً لم يلزمه القضاء.

  قيل له: القضاء فرض لا يتعلق بالتفريط؛ لأنه قد يلزم من لم يفرط؛ ألا ترى أن من لم يجد الماء ولا التراب يصلي ويقضي عند مخالفينا ولم يكن منه تفريط، ومن تطهر بماء نجس وهو لا يعلم يقضي عندنا إذا علمه قبل الوقت⁣(⁣٣)، وعند


(١) في المخطوطات: معه. وفي (ب): «مع» نسخة، وظنن بها في (د).

(٢) وهي خفاء كونه مرأة أو كافراً، والله أعلم. (من هامش أ، د).

(٣) أصحابنا المتأخرون يقيدون هذا بكون النجاسة مختلفاً فيها، وأما إذا كانت متفقاً عليها فكما عند المخالف. (من هامش أ، وهامش د).