شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في إمامة الصلاة

صفحة 587 - الجزء 1

  مخالفينا قبل الوقت وبعده، وإن لم يكن منه تفريط، والحائض تقضي الصوم وإن لم يكن منها تفريط؟

مسألة: [في حكم انخفاض الإمام عن المؤتمين وارتفاعه والفاصل بينه وبينهم]

  ويكره للجماعة أن تصلي خلف الإمام على سطح والإمام أسفل، ولو كان الإمام على السطح والجماعة أسفل منه أعادت الجماعة.

  وقال القاسم #: إذا حال بين الإمام والمأموم طريق يسلكه الناس بطلت صلاة المأموم.

  وما حكيناه أولاً من المسألتين منصوص عليه في المنتخب⁣(⁣١).

  وما حكيناه عن القاسم # منصوص عليه في مسائل عبدالله بن الحسن.

  والوجه لكراهة أن يكون المؤتمون على سطح والإمام أسفل: ما ثبت من أن المستحب أن يقرب المؤتم من الإمام؛ لقوله ÷: «لِيلِيَنِّي⁣(⁣٢) منكم أولو الأحلام والنهى» وقوله: «خير صفوف الرجال أولها، وشرها آخرها».

  فلما ثبت ذلك كره أصحابنا للمؤتمين أن يبعدوا عن الإمام من غير اتصال الصفوف؛ لأنه خلاف المستحب، ومن يكون على السطح يكون قد بعد عن الإمام من غير اتصال الصفوف، وأيضاً لما ثبت أن الأفعال الكثيرة تفسد الصلاة ثبت في اليسير منها وإن لم يفسد الصلاة أن يكون مكروهاً، وكذلك البعد المتفاوت من غير اتصال الصفوف لا خلاف في أنه يفسد الصلاة المأمومين، فوجب أن يكون القليل منه إذا كان من غير اتصال الصفوف مكروهاً، فوجب صحة ما قلناه من كراهة صلاة المأمومين على السطح إذا كان الإمام أسفل.


(١) المنتخب (١٠٣).

(٢) بتشديد النون على التوكيد، والمعنى: ليدن مني، فإنه من الولي بمعنى الدنو والقرب. و «أولو الأحلام والنهى» قال ابن سيد الناس: الأحلام والنهى بمعنى واحد، وهي العقول، وقال بعضهم: المراد بأولي الأحلام البالغون، وبأولى النهى العقلاء. (من تحفة الأحوذي باختصار).