باب القول في إمامة الصلاة
  فأما وجه إبطالنا صلاة المؤتمين إذا كانوا أسفل والإمام على السطح فالأخبار الواردة في هذا الباب، منها: ما ذكره أبو العباس الحسني | في شرح الأحكام، قال: روى عمرو بن طارق، عن يحيى بن أيوب، عن زيد بن جَبِيرَة الأنصاري، عن عبدالله بن عبدالرحمن الأنصاري: أن سلمان الفارسي وأبا سعيد الخدري قدما على حذيفة بالمدائن، وعنده أسامة، فصلى بهم حذيفة على شيء أنشز مما هم عليه، فأخذ سلمان بضبعيه حتى أنزله، ثم قال: سمعت رسول الله ÷ يقول: «لا يصلي إمام القوم على أنشز مما هم عليه»(١) فقال أبو سعيد وأسامة: صدق.
  وروى أبو بكر الجصاص في شرح المختصر: أن عمار بن ياسر كان بالمدائن، فأقيمت الصلاة، فتقدم عمار، وقام على دكان يصلي والناس أسفل منه، فتقدم حذيفة فأخذ على يده، واتبعه عمار حتى أنزله حذيفة، فلما فرغ عمار من صلاته قال له حذيفة: ألم تسمع رسول الله ÷ يقول: «إذا أم الرجل القوم فلا يقم في مكان(٢) أرفع من مقامهم»(٣)؟
  وروى هو أيضاً أن حذيفة صلى بالناس فتقدم فوق دكان، فأخذ أبو مسعود بجميع ثيابه فرده، فرجع، فلما صلى قال له أبو مسعود: ألم تعلم أن رسول الله ÷ نهى أن يقوم الإمام فوق نشز والناس خلفه؟ قال: أفلم ترني أجبتك حين جذبتني(٤)؟
  فهذه الأخبار قد تضمنت النهي عن ارتفاع الإمام على المأمومين، والنهي يقتضي البطلان، وليس يخلو الذي بطل من أن يكون هو الصلاة أو الإمامة، ولا
(١) أخرج نحوه البيهقي في السنن الكبرى (٣/ ١٥٤).
(٢) في (أ، ب، ج): مقام.
(٣) شرح مختصر الطحاوي (٢/ ٧١، ٧٢).
(٤) شرح مختصر الطحاوي (٢/ ٧١).