شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في إمامة الصلاة

صفحة 593 - الجزء 1

  ائتم به، وليس كذلك حال من أحدث في صلاته؛ لأن صلاته قد انعقدت صحيحة إلى حين الفساد، والائتمام به لم يكن إلا في حال صحة صلاته.

  فإن قيل: ما أنكرتم أن تكون صلاته وقعت فاسدة إذا لم تتم؟

  قيل له: لا يصح ذلك؛ لأنه ليس إلا الصحة أو الفساد، وقد ثبت أن الحدث الذي هو الإفساد وقع بعد مضي بعضها⁣(⁣١) فكذلك⁣(⁣٢) البعض إذا تعرى من الفساد وجب أن يكون صحيحاً.

  وأما ما يدل على أن خروج الإمام من الإمامة والمأمومين من الائتمام للعذر لا يفسد صلاة المأمومين فهو: ما ثبت أن النبي ÷ لما صلى الركعة الأولى من صلاة الخوف بالطائفة الأولى خرجت الطائفة الأولى من الائتمام وصلوا لأنفسهم، على ما نبينه من بعد في مسألة صلاة الخوف.

  وأيضاً روي أن أبا بكر حين أم بالناس في آخر مرض رسول الله ÷ وجد ÷ خفة فخرج إلى المسجد يتهادى بين اثنين، فأمهم في بعض صلاتهم، وخرج أبو بكر من الإمامة، والمأمومون من الائتمام به⁣(⁣٣)، وهذا يدل على جواز الصلاة بإمامين للعذر؛ لأن بعض صلاتهم كانت خلف أبي بكر وبعضها خلف رسول الله ÷؛ فلذلك قلنا: إن الإمام إذا فسدت صلاته فقدم بعض المأمومين وأتم بأصحابه باقي صلاتهم جاز.

  فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: إن رسول الله ÷ صلى خلف أبي بكر، وإن أبا بكر هو الذي أتم الإمامة؟

  وما أنكرتم على من قال لكم: إن أبا بكر ائتم بالنبي ÷ وإن الناس ائتموا بأبي بكر، فكلا القولين قد قيل به، وأيهما ثبت بطل قولكم: إن صلاة


(١) في هامش (أ، هـ): هنا ساقط، فينظر فيه.

(٢) ظنن في هامش (ب، هـ) بـ: فذلك.

(٣) أخرج نحوه البخاري (١/ ١٣٣) ومسلم (١/ ٣١٤).