كتاب الصلاة
  واحدة تصلى خلف إمامين؟
  قيل له: يفسد ما سألت عنه؛ لأن عائشة روت أن النبي ÷ لما جاء جلس على يسار أبي بكر، وهذا يمنع كون أبي بكر إماماً له؛ لأن المأموم لا يكون على يسار الإمام، بل الإمام يكون على يسار المأموم.
  وروى ابن عباس أن رسول الله ÷ أخذ القراءة من حيث تركها أبو بكر(١). وترك أبي بكر للقراءة وأخذ رسول الله ÷ لها يدل على أنه كان مأموماً، وأن رسول الله ÷ كان إماماً، وهذا أيضاً يمنع من كون أبي بكر إماماً لسائر المأمومين؛ لأن الإمام لا يجوز له أن يترك القراءة بالإجماع.
  ومما يدل على أن خروج الإمام من الإمامة والمأمومين من الائتمام لا يفسد صلاة المأمومين: ما أجمعوا عليه من أن الإنسان لو لحق بعض صلاة الإمام لكان خارجاً من الائتمام إذا سلم الإمام، وكان الإمام خارجاً من الإمامة، ولا خلاف في صحة صلاته، فبان بذلك أجمع صحة ما ذكرناه.
  وما قلناه من أن الإمام الثاني إذا كان لحق بعض الصلاة قام وأتم لنفسه إذا جلس المأمومون في آخر صلاتهم؛ لأن صلاته لم تكمل، فعليه أن يكملها.
  وقلنا: إنهم إن شاءوا انتظروا وسلموا معه وإن شاءوا سلموا قبله ولم ينتظروه لما بينا أن الخروج من الإمامة لا يفسد صلاة المأمومين، فلهم الخروج من إمامته إن شاءوا بالتسليم، وإن انتظروه جاز ليخرجوا معه.
(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (١/ ٤٠٥).