شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في السهو وسجدتيه

صفحة 597 - الجزء 1

  قال: ونص أيضاً على أن من نسي الجلسة الأولى يرجع إليها ما لم يستتم قائماً، فلم يعتد بالقيام المفعول في موضع الجلوس، فدل أيضاً على أنه لم يعتد بالعارض بين السجدتين، فعلى هذا لو نسي أربع سجدات من أربع ركعات وجب أن يصح له ركعتان؛ لأن السجدة المفعولة بعد الركعة الثانية تكون للركعة الأولى، وما بينهما غير معتد به، وما بعدها من الركعة الثالثة والسجدة المفعولة بعد الركعة الرابعة تكون للركعة الثانية، وما بينهما غير معتد به، فيكون قد صحت له ركعتان.

  والأصل في ذلك: ما رواه محمد بن منصور، عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي $ قال: صلى بنا رسول الله ÷ الظهر خمس ركعات، فقال له بعض القوم: يا رسول الله، هل زيد في الصلاة شيء؟ قال: «وما ذاك؟» قال: صليت بنا خمس ركعات، قال: «فاستقبل القبلة فكبر وهو جالس فسجد سجدتين ليس فيهما قراءة ولا ركوع، ثم سلم⁣(⁣١)».

  ألا ترى أنه ÷ لم يعتد بالعارض بين الركعة الرابعة وبين التشهد لما فعله على طريق السهو؟

  وأيضاً فإن الترتيب في أفعال الصلاة مأخوذ على المصلي، كما أن أفعال الصلاة مأخوذة عليه، فوجب ألا يعتد بالعارض بين أفعال الصلاة، وألا يحتسب بالسجود قبل الركوع، ولا بالركوع من الركعة الثانية قبل السجود للركعة الأولى.

  فإن قيل: إنه إذا صلى وركع وسجد سجدة واحدة تمت الركعة، وصح البناء عليها بحصول أكثرها، فلم يجب ألا يعتد بما بعدها، كما أن من لحق الإمام راكعاً يركع ويترك القيام، وتتم له الركعة بحصول أكثرها.


(١) أمالي أحمد بن عيسى (١/ ١٥٦، ١٥٧).