شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصلاة

صفحة 634 - الجزء 1

  أن يكون معناه أتم الركوع والسجود والقراءة مع القصر في العدد، ويحتمل أتم في الحكم مع القصر في العدد، كما روي: «صلاة المسافر ركعتان، تماماً غير قصر»⁣(⁣١) أي: تماماً في الحكم.

  ويحتمل قول أنس: «كنا نقصر ونتم ولا يعيب بعضنا بعضاً»⁣(⁣٢) على إتمام القراءة والركوع والسجود وتخفيفها.

  ومما يدل على فساد قول من قال: إن القصر مباح أنه يؤدي إلى أن يكون من صلى أربعاً في السفر يكون متنفلاً بركعتين⁣(⁣٣)؛ لأن حد النفل أن يكون طاعة يجوز تركها لا إلى بدل يقوم مقامه، وعندهم أن الركعتين الآخرتين⁣(⁣٤) هذا سبيلهما، فوجب أن يكون القصر واجباً.

  ومما يدل على ذلك أنه لا خلاف أن الحاضر لا خيار له في عدد الركعات، فوجب أن يكون المسافر كذلك، والمعنى أنها صلاة مكتوبة⁣(⁣٥)، فكل مؤد صلاة مكتوبة يجب ألا يكون له خيار في عدد الركعات.

  فإن قيل: علتكم لا تصح؛ بأن المسافر عندكم له الخيار بين أن يصلي ركعتين وبين أن يعزم على الإقامة فيصلي أربعاً.

  قيل له: هذا الخيار على التحقيق ليس هو في عدد الركعات، وإنما هو خيار بين فعل العزم وتركه؛ ألا ترى أن المقيم أيضاً له الخيار بين أن يسافر ويصلى ركعتين وبين أن يعزم على الإقامة فيصلي أربعاً، ومع هذا لا نقول: إن المقيم له


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٢٠٣).

(٢) أخرج نحوه البيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٢٠٧).

(٣) لعلهم لا يسلمون ذلك ويقولون: ذلك كخصال الكفارة، أيها فعل فقد فعل الواجب وإن تفاوتت في المشقة، فأربع وثنتان واجبان مخير فيهما، أيهما فعل سقط عنه الخطاب، والله أعلم. (من هامش ب).

(٤) في (ب): الأخيرتين.

(٥) قد يقولون: لا قياس مع النص. (من هامش ب).