باب القول في صلاة السفر والخوف
  قال: حدثنا علي بن حرب، قال: حدثنا سفيان، عن إبراهيم بن ميسرة، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: صلينا مع النبي ÷ في المدينة الظهر أربعاً، وبذي الحليفة ركعتين.
  ومن المعلوم أنه لم يكن بذي الحليفة خوف بالنبي ÷ في مسيره إلى مكة.
  فأما القصر الذي جعل الخوف شرطاً له بالآية عندنا فهو قصر الصفة دون قصر العدد، وبينا ذلك بأن قلنا: إن الله تعالى قال عاطفاً على هذه الآية: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمۡ فَأَقَمۡتَ لَهُمُ ٱلصَّلَوٰةَ}[النساء: ١٠٢]، وأنه تعالى أراد وإذا كنت في الذين ليس عليهم جناح أن يقصروا، ثم وصف صلاة الخوف.
  ومما يبين أن حمل القصر المذكور في الآية على قصر الصفة أولى من حمله على قصر العدد - أنا إذا حملناه على قصر الصفة حملنا الصلاة المكتوبة على العموم؛ لأن قصر الصفة بيان يتأتى في الصلوات المكتوبات(١) أجمع.
  ومن حمله على قصر العدد جعله في ثلاث صلوات؛ إذ قصر العدد لا يتأتى في المغرب والفجر، وحمل الآية على العموم يكون أولى من حملها على الخصوص؛ لأن المستعمل لها على العموم يكون قد أجراها على التحقيق، والمخصص لها يكون قد أدخل عليها ضرباً من المجاز.
مسألة: [في أن أقل السفر بريد]
  قال: وأقل السفر بريد.
  وهو منصوص عليه في الأحكام(٢)، وهو مذهب القاسم #، ورواه محمد بن منصور عن أحمد بن عيسى عن أبي جعفر(٣).
  والأصل فيه: أنه قد ثبت أن صلاة المسافر ركعتان، وثبت أن البريد سفر بما
(١) في (ب): الصلاة المكتوبة.
(٢) الأحكام (١/ ١٢٦).
(٣) أمالي أحمد بن عيسى (١/ ١٨٠).