باب القول في صلاة السفر والخوف
  وكلا القولين لا معنى له؛ لأن الحكم إذا ثبت لم يجز نسخه إلا بسمع يرد به، ولم يرد بنسخ صلاة الخوف كتاب ولا سنة، وكذلك إذا ثبت أن النبي ÷ قد فعلها فلنا أن نفعلها اقتداءً به؛ لقول الله تعالى: {لَّقَدۡ كَانَ لَكُمۡ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسۡوَةٌ حَسَنَةٞ}[الأحزاب: ٢١]، ولأنه لا خلاف بين الأمة أن كل ما فعله الرسول # فلنا أن نفعله إلا أن تثبت دلالة التخصيص، ولا دلالة تدل على أنها كانت خاصة للنبي ÷؛ فإن(١) الصحابة قد قالت بها وإن اختلفت في وجوهها.
  فأما(٢) ما قلنا: إن الإمام يسلم إذا تشهد ولا ينتظر الطائفة الثانية؛ لأنا وجدنا حكم الطائفة الثانية حكم من سبقه الإمام بركعة، ولا خلاف أن من سبقه الإمام بركعة لا ينتظره الإمام، بل يتشهد ويسلم ثم يقوم المسبوق فيتم صلاته، وكذلك الطائفة الثانية؛ والعلة أن الإمام سبقه بركعة فما فوقها، وقد بينا أيضاً أن صالح بن خوات روى مثل قولنا هذا عن سهل بن أبي حثمة.
مسألة: [في صفة صلاة الخوف في المغرب]
  قال: وإن كانوا في المغرب صلى الإمام بالفرقة الأولى ركعتين وبالفرقة الثانية ركعة تخريجاً.
  وهذا خرجه أبو العباس الحسني | من قول يحيى بن الحسين #: «ولا يجوز لمصل في غير الخوف أن يقصر صلاته عن صلاة إمامه(٣)».
  قال: فدل ذلك على أنه لا يجوز الخروج من صلاة الإمام إلا لعذر، ولا عذر للطائفة الأولى في المغرب إلا بعد الركعتين؛ إذ بعدهما يصيرون إلى حالة لا يبقى معها إلا أقل ما يجزي الطائفة الثانية.
(١) في (أ، ب، ج): وإن.
(٢) في (د): وأما.
(٣) المنتخب (١١٠).