باب القول في صلاة السفر والخوف
  وقال في المنتخب(١) في تفسير القصر المذكور في الكتاب: «هو قصر المسلمين صلاتهم عن صلاة إمامهم، وسلامهم قبل سلامه، ودخول الطائفة الأخرى في آخر صلاته، وإتمامها لركعتها الباقية [بعد سلامه]»؛ فجعل للطائفة الأخرى آخر الصلاة، ويكون(٢) ذلك من المغرب الركعة الثالثة.
  ويدل على ذلك: ما رواه زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ في صلاة الخوف في المغرب، قال: (يصلي بالطائفة الأولى ركعتين، وبالطائفة الثانية ركعة)(٣).
  ويدل على ذلك ما ذكره الهادي إلى الحق # من أنه لا يجوز لمصل في غير الخوف أن يخرج عن الائتمام؛ لقول النبي ÷: «إنما جعل الإمام ليؤتم به»، وما ثبت عنه ÷ من النهي عن أن يرفع المؤتم رأسه قبل الإمام من الركوع والسجود(٤)، فدل ذلك على أنه لا يجوز للمؤتم أن يخرج من الائتمام إلا لعذر، وإذا ثبت ذلك فلا عذر للطائفة الاولى إلا خشية أن يفوت الطائفة الثانية الائتمام، وذلك لا يكون إلا بعد الركعة الثانية من المغرب.
  ووجه آخر، وهو: أن الائتمام في صلاة الخوف مقسوم على الطائفتين، فكان لكل واحدة من الطائفتين نصفها، فوجب أن يكون للطائفة الأولى ركعة ونصف، وللطائفة الثانية ركعة ونصف، فلما ثبت ذلك ولم يصح تنصيف الركعة الواحدة كان الأولى أن يجعل آخرها لمن كان له أولها؛ لأن الأول إذا حصل لم يمتنع أن يلحق به الآخر على سبيل التبع، ولا يجوز أن يلحق الأول الحاصل على سبيل التبع بالآخر الذي لم يحصل، وإذا كان ذلك كذلك وجب أن تكون الركعة الثانية للطائفة الأولى.
(١) المنتخب (١١١).
(٢) في (د): فيكون.
(٣) مجموع الإمام زيد بن علي # (١١٣).
(٤) أخرجه مسلم (١: ٣٢٠) بلفظ: أيها الناس، إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقياس ولا بالانصراف. وفي (١/ ٣٢١): أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار.