باب القول في صلاة الجمعة والعيدين
  والوجه فيه: أنه قول علي #، أخبرنا به محمد بن عثمان النقاش، قال: حدثنا الناصر للحق #، قال: حدثنا محمد بن منصور، عن عباد، عن علي بن عاصم، عن مطرف، عن أبي إسحاق، عن علي # أنه كان يكبر غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق.
  ولا أعرف الخلاف فيه عن علي #، ومذهبنا أنه إذا صح عنه وجب اتباعه.
  على أن محمد بن منصور روى عن أحمد بن عيسى، عن حسين، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي $ قال: لما بعثني رسول الله ÷ إلى اليمن(١) قال لي: «يا علي، كبر في دبر صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق صلاة(٢) العصر»(٣).
  فإن قيل: قول الله تعالى: {فَإِذَا قَضَيۡتُم مَّنَٰسِكَكُمۡ فَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكۡرِكُمۡ ءَابَآءَكُمۡ أَوۡ أَشَدَّ ذِكۡرٗاۗ}[البقرة: ٢٠٠] يدل على أن الابتداء به من صلاة الظهر يوم النحر؛ لأن قضاء المناسك يكون برمي جمرة العقبة، وأول صلاة بعدها هي الظهر يوم النحر.
  قيل له: الآية لا تدل على أن ابتداء الذكر هو بعد قضاء المناسك، وإنما تدل على وجوب الذكر بعده، ونحن لا نخالف في أن الذكر بعده واجب، وقد يفعل الذكر على سبيل الاستمرار وقد يفعل على طريق الابتداء، والآية تضمنت فعله فقط، على أنه قد قيل: إن الأيام المعلومات هي العشر، وقد قال الله تعالى: {وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۖ}[الحج: ٢٨]، فاقتضى الظاهر فعل التكبير في جميع الأيام العشر، فلما أجمعوا على أن ما قبل صلاة الفجر من يوم عرفة أنه لا تكبير فيه بقي ما بعد صلاة الفجر من
(١) في المخطوطات: إلى مكة. والمثبت من أمالي أحمد بن عيسى.
(٢) في (أ، ب، ج): من صلاة.
(٣) أمالي أحمد بن عيسى (١/ ٢٣٦). وفيه: إلى صلاة العصر.