باب القول في غسل الميت
  يغسلهم، وقال: «انزعوا عنهم الفراء»(١).
  وروى أبو بكر الجصاص بإسناده عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: «أمر رسول الله ÷ بقتلى أحد أن ينزعوا عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم»(٢).
  وروى زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال: (ينزع عن الشهيد الخف، والمنطقة، والقلنسوة، والعمامة، والفرو، والسراويل، إلا أن يكون أصابه دم، فإن كان أصابه دم ترك)(٣).
  والأصل فيما ينزع عنه أن ما لا يصلح أن يكفن به ينزع عنه، وما يصلح أن يكفن به لا ينزع عنه، والسراويل هو من جنس ما يجوز أن يكفن فيه، فلذلك قلنا: إنه يترك إن أصابه دم، وينزع عنه إن لم يصبه دم.
  وقلنا: إنه يغسل إن رفع من المعركة حياً؛ لأن الأصل في الأموات الغسل.
  وقلنا: إنه لا يغسل من قتل في المعركة؛ للأثر الوارد فيه.
  وقلنا: إنه يغسل من رفع حياً رجوعاً إلى أصل الحكم في الأموات.
  ولم نفصل في ذلك بين أن يكون الشهيد قتل جنباً أو غير جنب لعموم قوله ÷: «زملوهم بدمائهم»، ولأنه لما أمر بقتلى أحد وبدر أن يدفنوا بدمائهم وثيابهم لم يميز من قتل جنباً أو غير جنب؛ ولأن الجنب مقيس على من ليس بجنب بعلة أنه قتل في المعركة، فوجب ألا يغسل.
  فإن قيل: روي في حنظلة لما استشهد أن النبي ÷ قال: «إن صاحبكم غسلته الملائكة»(٤).
(١) مجموع الإمام زيد # (١٢٠).
(٢) شرح مختصر الطحاوي (٢/ ١٩٨) وفيه: أن ينزع عنهم.
(٣) مجموع الإمام زيد # (١٢٠).
(٤) أخرجه الحاكم في المستدرك (٣/ ٢٢٥) وابن حبان في صحيحه (١٥/ ٤٩٥).