كتاب الجنائز
  نظر إلى فرج امرأة وابنتها»(١)، ولا خلاف أن للرجل أن يتزوج بابنة امرأته إذا لم يكن دخل بها، فلو جوزنا له غسلها إذا ماتت وتزوج بابنتها لأدى إلى أن ينظر إلى فرج امرأة وابنتها، فلما لم يجز ذلك علمنا أنه لا يجوز له غسلها.
  قيل له: المراد بذلك أن ينظر إلى فرج امرأة وابنتها على وجه يحرم، فإذا ثبت أن للرجل أن يغسل زوجته ثبت أنه غير مراد بالخبر؛ إذ النظر غير محرم على هذا الوجه، على أنا نأمر الزوج أن يتوقى النظر إلى الفرج في حال الغسل؛ لأن النظر إلى الفرج إنما أبيح لمن أبيح له الاستمتاع، والمرأة إذا ماتت خرجت عن أن يستمتع بها، فيكره للزوج أن ينظر إلى فرجها، وكذلك يكره للمرأة إن غسلت زوجها أن تنظر إلى العورة.
  ومما يدل على ذلك أنه لا خلاف في أن المرأة تغسل زوجها إذا مات، فكذلك الرجل يغسل زوجته إذا ماتت؛ والعلة أن جواز الاستمتاع كان بينهما قائماً بحكم الزوجية إلى أن طرأ الموت.
  فإن قيل: إن المرأة جاز لها أن تغسل زوجها لأنها تكون في عدة منه.
  قيل له: لو كانت العلة في ذلك كونها في عدة منه لجاز أن تغسله إذا مات وهي في عدة منه من طلاق بائن، على أن المخالف لنا في هذه المسألة هو أبو حنيفة وأصحابه، وهم لا يقولون بالعلة المقتصرة، ومتى جعلوا العلة فيما ذكرناه كونها في عدة منه كانت العلة مقتصرة لا تتعدى موضع الخلاف، على أن هذه العلة لا تنافي علتنا، فلو سلمناها وقلنا بالعلتين لم يقدح في كلامنا.
  ويدل على ذلك أنه لا خلاف في أن الطلاق إذا وقع كان حكم الرجل مع المرأة في جواز النظر حكم المرأة مع الرجل، فكذلك الموت إذا وقع، والمعنى أنه سبب يوجب الفرقة فيجب أن يكون حكم الرجل مع المرأة في جواز النظر
(١) قال في الكاشف المفيد: لم أجده مرفوعاً. ورواه البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٢٧٦) عن عبدالله بن مسعود من قوله.