كتاب الزكاة
  فإن قيل: فإنه يؤدي إلى أن تؤخذ من المال الواحد زكاتان.
  قيل له: وما في ذلك ما ينكر إذا دل الشرع عليه. على أنه لا خلاف بيننا وبينهم أن الفائدة تزكى مع الأصل إذا حصلت قبل الحول ولو بساعة، فلو أن رجلاً يملك النصاب تملك قبل الحول بساعة(١) مالاً من جنسه لوجب عليه أن يزكيه مع الأصل، ثم لو ملكه آخر قبل حول ماله بساعة لزمه أيضاً أن يزكيه، فيكون المال الواحد قد لزم فيه زكاتان، ولم يمتنع ذلك، فلا معنى لتعلقهم بما تعلقوا به.
  فإن قيل: لو أخذ صاحب الدين مقدار دينه من ماله بغير إذنه لكان له ذلك وصار أولى به، فدل ذلك على أنه مستحق لعينه، فوجب أن تكون الزكاة لازمة له دون من هو في يده.
  قيل له: لسنا نسلم أن لصاحب الدين أخذه بغير إذنه إلا بقضاء القاضي، وقد نص يحيى # على أن صاحب الدين لو سرق من مال غريمه بمقدار حقه لزمه القطع، على أنا لو سلمنا ذلك لم يدل على أن المال لصاحب الدين؛ لأنه وإن ملكه بالأخذ وكان له أن يأخذ فليس بمالك له قبل الأخذ.
  فإن قيل: في رواية زيد بن علي، عن أبيه، [عن جده]، عن علي $ قال: (إذا كان لك دين وعليك دين فاحتسب بذلك(٢)، وزك ما فضل عن الدين الذي عليك)(٣).
  قيل له: لا يمتنع أن يكون المراد به إخراج الزكاة من الفاضل، فيكون الفرض تقديم الدين، ويكون المخرج ربع عشر الجميع، إذ ليس فيه أن يخرج ربع عشر الفاضل، وهذا هو موضع الخلاف، والخبر لم ينطق به، وعلى هذا يتأول
(١) في (أ، ب، ج): بيوم.
(٢) في الإمام مجموع زيد بن علي #: بدينك.
(٣) مجموع الإمام زيد بن علي # (١٣٧).