كتاب الزكاة
  العزيز، عن مجاهد، قال: قال عمر: «ابتغوا في أموال اليتامى قبل أن تستهلكها الزكاة».
  وروي مثل قولنا عن ابن عمر وعائشة(١)، فجرى ذلك مجرى الإجماع منهم.
  فإن قيل: روي عن ابن مسعود أنه قال: توقف زكاة مال اليتيم إلى أن يبلغ، ثم يعرف، فإن شاء أخرج لما مضى من السنين، وإن شاء ترك.
  قيل له: قول عبدالله لا يدل على أنه لم ير الزكاة، بل يدل على أنه رأى أن يجعل إخراجها إلى الصبي إذا بلغ؛ لأنه قال: توقف ويعرف اليتيم إذا بلغ، فلو كان لا زكاة في ماله لكان لا معنى لقوله: توقف ويعرف.
  وقوله: «إن شاء أخرج وإن شاء ترك» محمول على أن المراد التغليظ دون التخيير(٢)، مثل قوله تعالى: {فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِنْ وَّمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْۖ}[الكهف: ٢٩]، ليكون موافقاً لصدر كلامه، ولمذهب سائر الصحابة.
  فإن قيل: روي عن الني ÷ أنه قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم»(٣)، فوجب بهذا الظاهر نفي الزكاة عن ماله؛ لأن إيجابها ينافي رفع القلم.
  قيل له: نحن لا نوجب عليه شيئاً، وإنما نوجب على الولي إخراج الزكاة من مال اليتيم، يبين ذلك أن الولي هو الذي يستحق الإثم بألا يخرجها دون اليتيم.
  وكذلك الجواب عن قولهم: الصبي لا تكليف عليه، فإن الخطاب لا يتوجه عليه، يكشف ذلك أن أروش الجنايات والنفقات وزكاة العشور تلزم في مال من لا تكليف عليه.
  فإن قيل: قول الله تعالى: {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَيٰۖ ٣٨}[النجم]، وقوله
(١) أخرجه عنهما البيهقي في السنن الكبرى (٤/ ١٨١).
(٢) في المخطوطات: التخفيف.
(٣) أخرجه أبو داود (٣/ ١٤٤)، وأحمد في المسند (٢/ ٣٧٢).