شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية وجوب الزكاة

صفحة 33 - الجزء 2

  وكان أبو العباس الحسني يقول: إن الزكاة تجب وتتحول إلى الذمة بنفس الوجوب والضياع، ولم يكن يشترط فيها التفريط، والأصح عندي أن يكون التفريط مشترطاً فيها؛ لأن الوجوب لا يستقر على التحقيق إلا مع إمكان الأداء، وإذا لم يؤد مع الإمكان كان مفرطاً.

  يبين ذلك أن الواجب هو الذي إذا لم يفعله الفاعل استحق الذم عليه، وذلك لا يكون إلا مع الإمكان.

  فإن قيل: فقد أطلق يحيى # أن وقت وجوبها هو أن يصير فيه حبه، وتلك الحال حال لا يمكن معها إخراج الصدقة منها؛ لأن إمكان إخراجها يكون بعد أن يقطف أو يجذ⁣(⁣١) ويحصد.

  قيل له: المراد بذلك حصول سبب الوجوب، وحصول وجوب الخرص؛ ألا ترى أنه يقول: فإذا كان كذلك وجب خرصه، فإذا حصد أو جذ أو قطف أخذ منه عشره أو نصف عشره؟ فدل بذلك على أن المراد ما ذكرنا دون وجوب الإخراج.

  وقد قال في آخر كتاب الزكاة من الأحكام⁣(⁣٢): «والزكاة شيء من الله جعلها لكل فقير معسر عند كل ذي جدةٍ مؤسر»، فنبه على أن حكمها حكم الوديعة، والوديعة لا يضمنها المستودع إذا تلفت بغير تعد منه أو تفريط في الرد.

  وقال في زكاة الفطر: «ولا يبطئ بها بعد الإمكان، فإن لم يمكنه فهو في فسحة من أمرها إلى أن يتهيأ ذلك»⁣(⁣٣) فنبه على أن التضمين يكون بعد الإمكان؛ لأنه إذا كان في فسحة منها قبل الإمكان فكذلك يكون في فسحة من سائر الزكوات قبل الإمكان، وإذا كان في فسحة منها لم يضمنها.


(١) في (أ): ويجذ.

(٢) الأحكام (١/ ٢٠٩).

(٣) الأحكام (١/ ٢٠٥).