كتاب الزكاة
  قيل له: لا يخلو من أن يكون أراد الاجتماع والافتراق في الملك أو في الرعي أو فيهما، ولا خلاف أن الاجتماع والافتراق في الملك قد يراعى على بعض الوجوه، ولسنا نسلم أنهما يراعيان في الرعي على وجه من الوجوه، وتأويلهم قد انفردوا به على كل وجه.
  ويحتمل أن يكون المراد به أن المواشي إذا كانت مفترقة في المراعي لم يجمعها المصدق ترفيهاً على نفسه؛ إذ فيه مشقة على أصحاب المواشي، وكذلك إذا كانت مجتمعة لم يفرقها بأن يستدعيها إلى مواضع، بل يقصدها في مواضعها.
  فإن قيل: قوله ÷: «وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية»(١) يدل على ما ذهبنا إليه؛ لأنه أكد دخول الخلطة، وعرف حكمها، ولو كان الحكم لا يتناول إلا الملك فقط لم يكن لذكر الاختلاط معنى.
  قيل له: المراد بذلك أن يكون بين الرجلين مائة وعشرون شاة، لأحدهما أربعون وللآخر ثمانون، فأخذ المصدق شاتين منها(٢)، فإن صاحب السهمين يرجع على صاحب السهم بثلث شاة، أو نحوها من المسائل، فعلى هذا يكون قد بان الغرض من ذكر الاختلاط على أصولنا، ولم يجب أن يكون ذلك مؤدياً إلى صحة ما يدعونه.
  فإن قيل: روي: «والخليطان ما اجتمعا في الرعي والفحولة والحوض»(٣) كان الجواب عن هذا نحو الجواب الأول؛ لأن المراد به يجوز أن يكون بيان الاختلاط الذي معه يأخذ المصدق منه ما يأخذ غير متميز.
  فإن قيل: قول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةٗ}[التوبة: ١٠٣] يوجب
(١) أخرجه البخاري (٢/ ١١٧)، والترمذي (٢/ ١١).
(٢) في (أ، ب، ج): منهما.
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٤/ ١٧٨) بلفظ: والخليطان ما اجتمع على الفحل والراعي والحوض. والدارقطني في السنن (٢/ ٤٩٤).