باب القول في زكاة المواشي
فصل: [في أنه يؤخذ من السخال إذا انفردن سخلة]
  قال يحيى بن الحسين # في الأحكام: ولا يأخذ خيارها ولا شرارها، ويأخذ الوسط منها، فدل ذلك على أن المأخوذ عنده من السخال إذا انفردن سخلة؛ إذ لو أخذت مسنة كان قد أخذ خيارها.
  ويحقق ذلك ما روي عن القاسم # أنه قال: إذا كان لرجل خمسة فصلان أخذ منها واحداً، إلا أن يكون خيراً من شاة فيخير ربها بينه وبين الشاة. فأوجب أن يؤخذ وإن كان دون الشاة، والشاة هي الواجبة، فيكشف ذلك عن مذهبه في السخال أن المأخوذ منه سخلة وإن كانت دون الشاة، وهذا قول الشافعي وأبي يوسف، وحكي عن مالك وزفر: أنه يؤخذ منها مسنة.
  والأصل في ذلك: ما روى ابن أبي شيبة في المصنف وأبو داود في السنن، عن وكيع، عن زكرياء بن إسحاق، عن يحيى بن عبدالله بن صيفي، عن أبي معبد، عن ابن عباس، أن النبي ÷ قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: «إياك وكرائم أموالهم»، فلما منعه من أخذ أفضل أموالهم دل على أنه لا يجوز أن يكلفوا أفضل من(١) أموالهم، على أن المسنة كريمة في السخال، ونهيه عن كرائم أموالهم نهي عن أخذ المسنة من صاحب السخال.
  ويدل على ذلك ما روي عن أبي بكر أنه قال: لو منعوني عناقاً مما أعطوا رسول الله ÷ لقاتلتهم.
  والعناق لا تؤخذ إلا في هذه المسألة على ما أوضحنا القول فيه في المسألة التي تقدمته. وهي أيضاً مقيسة على المعيبة في أنها تؤخذ إذا كان الشاء كلها معيباً؛ بعلة أنها على صفة تعم ماله.
  فإن قيل: علتكم تنقض بمن كانت له ست وثلاثون ابنة مخاض أنه يكلف ابنة لبون، فيكلف خلاف الصفة التي تعم ماله.
(١) «من» ساقطة من (أ).