شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في زكاة المواشي

صفحة 96 - الجزء 2

  نطفة، ولا⁣(⁣١) حكم لها، فلولا أن المال مبقى على ملكه كان لا يورث إذا ولد.

  فإن قيل: فإن جميع ما ذكرت هنا لا يتغير حكمه بالقسمة؛ لأن القسمة لو وقعت ثم ظهر الدين أو ولد الولد لكانت القسمة تنتقض، فعلم أنها لم تقرر ملكاً لم يكن.

  قيل له: إن القسمة إذ ذاك تنتقض لأنها تكون وقعت غير صحيحة، والقسمة الصحيحة هي التي تقرر الملك، فلم يجب أن يكون ما ذكره مانعاً من بقاء المال على ملك المالك الميت إلى⁣(⁣٢) أن تجري فيه القسمة، وأيضاً لو كان على الميت دين فأبراه صاحب الدين لصح ذلك، فجرى مجرى أن يبرئه وهو حي في أن المال يخلص للورثة، فكشف ذلك أن بالموت لا ينقطع حكم ملكه، ويمكن أن يشبه ذلك بالغنيمة، فيقال: إن الملك لا يستقر للورثة إلا بعد القسمة، كما لا يستقر ملك الغانمين إلا بعد القسمة؛ لأنه مال مملوك ينقل الملك فيه من غير اعتبار رضا المالك بوجه من الوجوه.

  ويبين أن الغانمين لا يستقر ملكهم إلا بعد القسمة ما ثبت من أنه إذا استحق منه مسلم شيئاً قبل القسمة أخذه، وإن وجده بعد القسمة لم يأخذه إلا بالقيمة، وقد بينا ذلك فيما تقدم.

  وأيضاً قد ثبت أن النبي ÷ كان يأخذ الصفي من الغنيمة، وأنه كان ينفل منها قبل القسمة، ولا يعمل شيئاً من ذلك بعد القسمة، وكل ذلك يبين أن ملكهم استقر بعد القسمة، فكذلك ملك الورثة على ما بينا.

  فإن قيل: فقد قال يحيى # في الأحكام⁣(⁣٣) في كتاب الفرائض: لو أن رجلاً ذمياً أسلم بعد موت أبيه المسلم بساعة، لم يكن له حق في الميراث؛ لأن الميراث


(١) الواو ساقطة من (ب، ج): «لا».

(٢) في (أ): إلا.

(٣) الأحكام (٢/ ٢٣٧).