شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في زكاة ما أخرجت الأرض

صفحة 105 - الجزء 2

  ذرة حتى يبلغ الشيء منها خمسة أوساق، والوسق ستون صاعاً»⁣(⁣١).

  فوجب أن نخص بهذه الأخبار الظواهر التي تعلق بها المخالفون، من قوله تعالى: {وَءَاتُواْ حَقَّهُۥ يَوْمَ حِصَادِهِۦۖ}⁣[الأنعام: ١٤٢]، وقوله: {أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ اَ۬لْأَرْضِۖ}⁣[البقرة: ٢٦٦]، وقول النبي ÷: «فيما سقت السماء العشر»؛ لأن من مذهبنا بناء العام على الخاص، كما أنه لا خلاف في أن قوله: «في الرقة ربع العشر» يجب أن يبنى على قوله: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة».

  يبين صحة ما ذهبنا إليه أن قوله: «فيما سقت السماء العشر» قصد به إلى بيان مقدار المأخوذ، وقوله: «ليس فيما دون خمسة أوساق صدقة» قصد به إلى بيان المقدار الذي يجب فيه الزكاة، فوجب أن يكون كل واحد منهما مستعملاً على حياله، كما استعملنا كل واحد من قوله: «في الرقة ربع العشر» وقوله: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة» على حياله.

  على أن قوله ÷: «فيما سقت السماء العشر» أوجب في قليل الزرع وكثيره العشر، وقوله: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» أوجب سقوطها عما دون خمسة أوسق، فتعارض الخبران فيما لم يبلغ خمسة أوسق، فسقط حكمهما فيه، ووجبت الصدقة في خمسة أوسق فما زاد، فكان هذا الضرب من الاستعمال أولى من إسقاط خبر الأوساق رأساً.

  فإن قيل: من مذهبنا أن العام والخاص إذا تقابلا لم يبن العام على الخاص، بل يعمل بالمجمع على استعماله دون ما لم يجمع على استعماله، وقوله ÷: «فيما سقت السماء العشر» مجمع على استعماله، وقوله: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» مختلف في استعماله.


(١) أمالي أحمد بن عيسى (٢/ ٢٨٠).