شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في زكاة ما أخرجت الأرض

صفحة 115 - الجزء 2

  بالشعير كيف شئتم»⁣(⁣١)، وثبت ألا مسرح للتقويم في تزكيتهما، فوجب ألا يضم بعضه إلى بعض؛ قياساً على التمر، وعلى الإبل والبقر؛ بعلة أنهما جنسان مختلفان لا مسرح للتقويم في تزكيتهما ما لم يكونا للتجارة.

  ومما يبين أن كل واحد منهما جنس مخالف للآخر أن كل واحد منهما قد خص باسم لا يرجع إلى صاحبه بنوع ولا صفة، فلا يقال: بر شعير ولا شعير بر، كما يقال: تمر صيحاني، وتمر أزاذ، وعنب ملاحي. ولا يعترض على ذلك المعز والضأن؛ لأن اسم الشاء يجمعهما، وبه تعلق الحكم.

  فإن قيل: إنهما في غالب البلدان قوت الناس، والمقدار في زكاتهما واحد، فكانا كأنواع البر.

  قيل له: هذا منتقض بالأرز والزبيب والتمر؛ إذ هي من الأقوات في كثير من البلدان. على أن قياسهم لو سلم كان قياسنا مرجحاً؛ لأنا رددنا الأجناس المختلفة إلى الأجناس المختلفة، وهم ردوا الأجناس المختلفة إلى الأجناس المتفقة، فكان فرعنا بأصلنا أشبه من فرعهم بأصلهم.

  وقال مالك: تضم القطنية⁣(⁣٢) بعضها إلى بعض كالعدس والحمص والباقلاء واللوبيا.

  وما قدمنا يبطل قوله هذا؛ لأنه لا أحد فرق بينهما.

مسألة: [في زكاة ما يخرج دفعات]

  قال: ولا تؤخذ القيمة من شيء مما ذكرنا، لا مما يكال ولا مما لا يكال، وإنما تؤخذ من عين ما وجبت فيه الصدقة، إلا أن يكون قثاء أو بطيخاً أو ما أشبه ذلك مما يأتي في السنة دفعات كثيرة ولا يمكن حبس أولها على آخرها، فإنها


(١) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٤) بلفظ: بيعوا الذهب بالورق والحنطة بالشعير والتمر بالملح يداً بيد كيف شئتم.

(٢) القطنية: ما سوى الحنطة والشعير والزبيب والتمر، أو هي الحبوب التي تطبخ. (قاموس).