شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الزكاة

صفحة 128 - الجزء 2

  حين سمعه ولم يقل: «قد أجرنا من أجرت، وأمنا من أمنت»، بل كان يقول: إن دمهما محظور لأنهما في الصلح.

  وروى الطحاوي بإسناده عن أبي هريرة، قال: أقبل النبي ÷ حتى قدم مكة، فبعث الزبير بن العوام من جانب، وخالد بن الوليد من آخر، وبعث أبا عبيدة على الجيش، فأخذوا بطن الوادي، ورسول الله ÷ في كتيبته، فقال لي: يا أبا هريرة، اهتف بالأنصار، فهتفت بهم، حتى إذا أطافوا به، وقد وبشت قريش أوباشها وأتباعها، فقال ÷ للأنصار: «انظروا إلى أوباش قريش وأتباعها»، ثم قال بإحدى يديه على الأخرى: «احصدوهم حصداً حتى توافوني بالصفا» فانطلقوا، فما شاء أحد منا أن يقتل ما يشاء إلا قتل، فقال أبو سفيان: أبيدت خضراء قريش، ولا قريش بعد اليوم، فقال النبي ÷: «من أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن»⁣(⁣١).

  فكيف يقول رسول الله ÷: «احصدوهم»، إلا والقوم له حرب؟

  وروى أبو جعفر بإسناده أن رسول الله ÷ قال: «إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض والشمس والقمر، ووضعها بين هذين الأخشبين، لا تحل لأحد قبلي، ولا تحل لي إلا ساعة من النهار»⁣(⁣٢).

  وذلك لا يكون مع الصلح.

  وفيما رواه ابن جرير بإسناده عن قتادة أن النبي ÷ قال وهو واقف على باب الكعبة: «يا معشر قريش - أو يا أهل مكة - ما ترون أني فاعل بكم؟» قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، ثم قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» فأعتقهم النبي ÷ وقد أمكنه الله تعالى من رقابهم عنوة، وكانوا له فيئاً، ولذلك


(١) شرح معاني الآثار (٣/ ٣٢٤).

(٢) شرح معاني الآثار (٢/ ٢٦٠)، وفيه: لم تحل لأحد قبلي، ولم تحل لي ... إلخ.