كتاب الزكاة
  حين سمعه ولم يقل: «قد أجرنا من أجرت، وأمنا من أمنت»، بل كان يقول: إن دمهما محظور لأنهما في الصلح.
  وروى الطحاوي بإسناده عن أبي هريرة، قال: أقبل النبي ÷ حتى قدم مكة، فبعث الزبير بن العوام من جانب، وخالد بن الوليد من آخر، وبعث أبا عبيدة على الجيش، فأخذوا بطن الوادي، ورسول الله ÷ في كتيبته، فقال لي: يا أبا هريرة، اهتف بالأنصار، فهتفت بهم، حتى إذا أطافوا به، وقد وبشت قريش أوباشها وأتباعها، فقال ÷ للأنصار: «انظروا إلى أوباش قريش وأتباعها»، ثم قال بإحدى يديه على الأخرى: «احصدوهم حصداً حتى توافوني بالصفا» فانطلقوا، فما شاء أحد منا أن يقتل ما يشاء إلا قتل، فقال أبو سفيان: أبيدت خضراء قريش، ولا قريش بعد اليوم، فقال النبي ÷: «من أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن»(١).
  فكيف يقول رسول الله ÷: «احصدوهم»، إلا والقوم له حرب؟
  وروى أبو جعفر بإسناده أن رسول الله ÷ قال: «إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض والشمس والقمر، ووضعها بين هذين الأخشبين، لا تحل لأحد قبلي، ولا تحل لي إلا ساعة من النهار»(٢).
  وذلك لا يكون مع الصلح.
  وفيما رواه ابن جرير بإسناده عن قتادة أن النبي ÷ قال وهو واقف على باب الكعبة: «يا معشر قريش - أو يا أهل مكة - ما ترون أني فاعل بكم؟» قالوا: خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم، ثم قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» فأعتقهم النبي ÷ وقد أمكنه الله تعالى من رقابهم عنوة، وكانوا له فيئاً، ولذلك
(١) شرح معاني الآثار (٣/ ٣٢٤).
(٢) شرح معاني الآثار (٢/ ٢٦٠)، وفيه: لم تحل لأحد قبلي، ولم تحل لي ... إلخ.