كتاب الزكاة
  يسمى أهل مكة الطلقاء(١).
  فقوله: أعتقهم، وقوله ÷: «أنتم الطلقاء» يدل على أنهم كانوا حرباً؛ لأنهم لو كانوا في الصلح كانوا أحراراً ولم يحتج إلى أن يطلقهم.
  وروى أبو جعفر الطحاوي بإسناده أن النبي ÷ دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه مغفر(٢)، وروي عمامة(٣). فلو كان دخوله على وجه الصلح ولم يكن على وجه الحرب لدخلها محرماً، كما دخل يوم صلح الحديبة، فدل تركه الإحرام على أنه كان لأجل القتال.
  وذكر ابن جرير عن الواقدي: أن رسول الله ÷ أمر بقتل ستة نفر من أهل مكة، وأربع نسوة(٤)، فقتل من قتل، وأسلم من أسلم، وهرب من هرب، فلو كان الصلح قائماً بينه وبينهم لم يحل قتل هؤلاء.
  فإن قيل: لو كان صلح الحديبية منتقضاً لأمر النبي ÷ بقتل أبي سفيان حين ورد لتجديد الصلح.
  قيل له: لم يقتله رسول الله ÷ لأنه كان وافداً لأهل مكة ورسولاً لهم، ولا يجوز قتل الرسل؛ بدلالة ما روى الطحاوي بإسناده أن رجلين وفدا على النبي ÷ من مسيلمة، فقال لهما رسول الله ÷: «أتشهدان أني رسول الله»؟ فقالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله، فقال: «آمنت بالله وبرسوله، لو كنت قاتلاً وفدا لقتلتكما»(٥).
  فإن قيل: ما تنكرون على من قال لكم: إن صلحاً انعقد بعد انتقاض صلح الحديبية؟
(١) تاريخ الطبري (٢/ ١٦١).
(٢) شرح معاني الآثار (٢/ ٢٥٨)، و (٣/ ٣٢٩).
(٣) شرح معاني الآثار (٣/ ٣٢٩).
(٤) تاريخ الطبري (٢/ ١٦١).
(٥) شرح معاني الآثار (٣/ ٢١١، ٢١٢) وفيه: فقالا: أتشهد أنت أن مسيلمة رسول الله.