كتاب الزكاة
  قيل له: أنكرنا ذلك من حيث علمنا أنه لو كان لنقل ولتواترت به الأخبار، كما نقل صلح الحديبية وسائر الأحوال التي جرت، ولنقل كيف عقد الصلح، وعلى أي وجه عقد. على أن الله تعالى قد نهى عن الصلح بعد القدرة على الكفار بقوله: {فَلَا تَهِنُواْ وَتَدْعُواْ إِلَي اَ۬لسَّلْمِ وَأَنتُمُ اُ۬لْأَعْلَوْنَ}[محمد: ٣٦]، وقد كان ÷ يومئذ في قوة عظيمة، فلم يكن يجوز له معها أن يوقع الصلح، كيف وقد بعث على القتال بقوله تعالى: {أَلَا تُقَٰتِلُونَ قَوْماٗ نَّكَثُواْ أَيْمَٰنَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ اِ۬لرَّسُولِ}[التوبة: ١٣]، إلى قوله: {قَٰتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اُ۬للَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٖ مُّؤْمِنِينَ ١٤}[التوبة].
  وروي عن عدة من المفسرين أنهم قالوا: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٖ مُّؤْمِنِينَ ١٤} أراد خزاعة.
  فإن قيل: ترك رسول الله ÷ قسمة أرض مكة وأموال أهلها وذراريهم بين الغانمين وتركه تخميسها مع قول الله تعالى: {۞وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَےْءٖ فَأَنَّ لِلهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ}[الأنفال: ٤١] دليل على أنها فتحت صلحاً.
  قيل له: يحتمل أن يكون الله تعالى جعل للنبي وللإمام الخيار إذا فتح(١) بلداً بين أن يمن على أهله، وبين أن يتركهم على(٢) أملاكهم، وبين أن يقسمها بين الغانمين ويخمسها، فإذا احتمل ذلك ووردت الأخبار المتواترة بأنه ÷ فتحها عنوة بالسيف جمعنا بينها وبين الآية، وخصصنا الآية بها، وهذا أولى من إبطال الأخبار المتواترة لعموم الكتاب.
  فإن قيل: قول النبي ÷: «اللهم إني أبرأ إليك من فعل خالد»(٣) يدل
(١) في (ب): افتتح.
(٢) في (د): في.
(٣) في (د): مما فعله خالد بن الوليد.
(*) رواه الطبري في تاريخه (٢/ ١٦٤) وذكر أنه بعد الفتح.