باب القول في زكاة أموال التجارة وما كان في حكمها
باب القول في زكاة أموال التجارة وما كان في حكمها
  كل مال للتجارة إذا بلغت قيمته النصاب وحال عليه الحول وجب فيه ربع عشر قيمته، ثياباً كانت الأموال أو ماشية أو مأكولاً أو غير ذلك.
  وهذه الجملة منصوص عليها في الأحكام والمنتخب(١)، وهو قول عامة الفقهاء، وحكي الخلاف فيه عن مالك وصاحب الظاهر.
  والأصل في ذلك: قول الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةٗ}[التوبة: ١٠٤]، وقوله تعالى: {أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ اَ۬لْأَرْضِۖ}[البقرة: ٢٦٦]، فاقتضى ذلك إخراج الزكاة من جميع الأموال، سواء كانت للتجارة أو غيرها، إلا ما خصه الدليل.
  وروى زيد بن علي يرفعه إلى علي # قال: (عفا رسول الله ÷ عن الإبل العوامل تكون في المصر، وعن الغنم تكون في المصر، وعن الدور والرقيق والخيل، وكذا وكذا، ما لم ترد به تجارة)، حتى عد الياقوت والزمرد والكسوة وغير ذلك.
  فدل ذلك على أن العفو وقع بشرط ألا تكون هذه الأشياء للتجارة، فإذا كانت للتجارة وجب أن ينتفي عنها العفو وتجب الزكاة.
  وروى سمرة عن النبي ÷ أنه كان يأمر أن تخرج الصدقة من الرقيق الذي يعد للبيع(٢). وهذا صريح في إيجاب الزكاة فيما يكون للتجارة؛ إذ الإعداد للبيع ليس أكثر من التجارة.
  ويدل على ذلك: ما روي أن سعاة النبي ÷ حضروا يشكون العباس وخالداً، فقال ÷: «أما العباس فإني تسلفت صدقته لعامين، وأما خالد
(١) الأحكام (١/ ١٩٣)، والمنتخب (١٥٤).
(٢) أخرجه الدارقطني في السنن (٣/ ٤٠)، والطبراني في الكبير (٧/ ٢٥٦).