باب القول في زكاة أموال التجارة وما كان في حكمها
  فإنه حبس أدراعه وأعتده في سبيل الله»(١)، فلا تخل الأعتد والأدرع التي ذكرها النبي ÷ ونبه على سقوط زكاتها لكونها محبوسة في سبيل الله من أن تكون تجب فيها لأعيانها أو لكونها للتجارة، فلما أجمعوا على أن لا زكاة في أعيانها صح أن الزكاة تعلقت بها لكونها للتجارة.
  وروي عن عمر أنه قال لحِمَاس بن عمرو(٢): أد زكاة مالك، فقال: إنما مالي الجعاب(٣) والأدم، فقال: قومها وأد زكاتها(٤).
  وروي عن ابن عمر(٥) وابن عباس القول بزكاة العروض، ولم يرو عن غيرهما خلافه(٦)، فجرى ذلك مجرى الإجماع.
  فإن قيل: روي عن ابن عباس أنه قال: لا زكاة فيه.
  قيل له: إذا روي عنه الأمران كان بمنزلة ألا يكون روي عن شيء، وروي عن عمر وابن عمر، ولم يرو عن غيرهما خلافه، فصار ذلك إجماعاً.
  فإن قيل: روي عن النبي ÷: «ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة»، فعم ولم يخص.
  قيل له: الأدلة التي قدمناها تخصصه على ما رواه علي # عن رسول الله ÷ أنه عفا عن الإبل العوامل تكون في المصر وكذا ما لم ترد به تجارة، فدل على أن الزكاة سقطت بشرط ألا تكون للتجارة.
  فإن قيل: لو كانت الزكاة واجبة فيه لوجبت في عينه دون قيمته.
(١) أخرج نحوه البخاري (٢/ ١٢٢)، ومسلم (٢/ ٦٧٦).
(٢) في (د): عمر. وهو غلط.
(٣) الجعاب: جمع جعبة، وهي الكنانة التي تجعل فيها السهام.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٤٠٦)، والدارقطني في السنن (٣/ ٣٥).
(٥) في (أ، ب، ج): عن عمر. والمثبت من (د) وشرح مختصر الطحاوي.
(*) رواه عن ابن عمر عبدالرزاق في المصنف (٤/ ٩٧)، وابن أبي شيبة في المصنف (٢/ ٤٠٦).
(٦) في (أ، ب، ج): خلافهم.