شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صفة من توضع فيهم الزكاة

صفحة 170 - الجزء 2

مسألة: [في الصنف الرابع: المؤلفة قلوبهم]

  قال: والمؤلفة قلوبهم، وهم أهل الدنيا المائلون إليها إذا لم يكن بالمسلمين غنى عنهم، فحينئذ يلزم الإمام من تألفهم⁣(⁣١) ما كان يلزم النبي ÷.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٢).

  ونص أيضاً⁣(⁣٣) في المنتخب⁣(⁣٤) على أن المؤلفة قلوبهم من ذكرناهم، وظاهر قوله يدل على أن أهل الكفر وأهل الملة فيه سواء، وذهب أبو حنيفة أنه لا سهم لهم بالمال.

  وحجتنا أن الآية قد أوجبت السهم له، ولا دليل على نسخها، والقرآن لا ينسخ بالاعتبار، على أن اعتبارهم الذي ذكروه فاسد؛ لأنه لا يمتنع أن يحتاج إلى المؤلفة قلوبهم في كثير من الأوقات والأحوال لشيء يعرض، فلا يكون من تألفهم واستمالة قلوبهم بد.

  على أن غالب ظني أن أبا حنيفة قال هذا القول على ما يشاهد في ذلك الزمان من صدق نيات المسلمين، فأما لو شاهد هذا الزمان وتخاذل المحقين فيه لعلم أنه لا بد من تدبير⁣(⁣٥) أمور المسلمين فيه من تألف كثير من المنحرفين عن الحق والاستعانة بهم.

  ولم يجب أن يعتبر فيه حال المؤلفة قلوبهم في الكفر والملة؛ لأن هذا السهم لم يجعل حقاً لهم فيراعى فيه أحوالهم، وإنما جعل لمصالح المسلمين؛ ألا ترى أنهم - أعني المؤلفة قلوبهم - إذا رأى الإمام أنه مستغن عنهم لم يعطهم شيئاً منه، وإنما يعطيهم إذا رأى الحاجة تمس إليهم في الاستعانة بهم والتخذيل لهم عن الأعداء


(١) في (د): تأليفهم.

(٢) الأحكام (١/ ١٨٦).

(٣) في (أ، ب، ج): وأيضاً نص.

(٤) المنتخب (١٧١).

(٥) نقل في شرح التحرير عبارة المؤيد بالله هكذا: لعلم أنه لا بد لمن يدبر أمور المسلمين من تألف كثير ... إلخ.