شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صدقة الفطر

صفحة 189 - الجزء 2

  قيل له: قد قيل: إن هذه الأخبار ضعيفة. على أنها متأولة ومحمولة على أن المراد بها حال الضرورة، وعلى سبيل التقويم؛ لأن الرجوع إلى القيمة فيها عندنا جائز للضرورة.

  فإن قيل: فنحن أيضاً نتأول أخباركم، ونقول: إن الواجب من البر نصف صاع، والنصف الآخر تطوع، فليس استعمالكم أولى من استعمالنا.

  قيل له: استعمالنا أولى؛ لأنه يتضمن زيادة شرع، واحتياطاً للفقراء. والأصول تشهد لنا؛ لأن سائر أحكام الصدقات يسوى فيها بين حكم البر والشعير، وكذلك أحكام البيوع. والقياس يشهد لنا، وهو أنه لا خلاف أن الواجب في زكاة الفطر صاع من شعير أو صاع من تمر، فكذلك البر، والمعنى أنه مقتات يخرج عن زكاة الفطر لا على سبيل البدل، فوجب ألا يجزي أقل من صاع.

  وأيضاً أبو يوسف ومحمد يوافقانا على أن أقل المخرج من صدقة البر لا يجوز أن يكون أقل من المخرج من صدقة التمر والشعير في العشور، فوجب أن يكون ذلك حكمه في صدقة الفطر، والمعنى أن كل واحد منهما صدقة وجبت ابتداء لا على سبيل البدل، أو يقال لجميع من يخالف: إن المأخوذ من البر بصدقة العشور مثل المأخوذ من الشعير والتمر، فوجب ذلك في صدقة الفطر؛ للعلة التي تقدمت.

مسألة: [في أن الفطرة صاع من بقية الأصناف]

  قال: أو صاع من تمر، أو صاع من شعير، أو صاع من ذرة، أو صاع من إقط لأصحاب الإقط، أو صاع من زبيب، أو غير ذلك مما يستنفقه المزكون.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١).

  ونص أيضاً في المنتخب⁣(⁣٢) على هذه الأجناس الخمسة.


(١) الأحكام (١/ ٢٠٥).

(٢) المنتخب (١٨١).