شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في صدقة الفطر

صفحة 196 - الجزء 2

  وروي عن النبي ÷ في حديث رواه أبو بكر الجصاص: «إنما الصدقة عن ظهر غنى»⁣(⁣١).

  فهذا يمنع وجوبها على من هذه صفته؛ لأن الصدقة المعرفة بالألف واللام تقتضي الجنس. على أنه لا بد من الفرق بين من تلزمه زكاة الفطر وبين من لا تلزمه، فكان أقرب إلى الأصول ما وجد مثله في الأصول، وقد وجدنا في أكثر الأصول الفرق بعشرة، كأقل المهر، وأقل ما يقطع فيه، وأقل الإقامة، وأقل الطهر، فكان الرجوع إليه أولى. على أنه مقيس على سائر الصدقات في أن المأخوذ يجب أن يكون يسيراً من كثير؛ بعلة أنها صدقة فرضت ابتداء.

  وقلنا: إن يوم الفطر إن جاز وهو معدم ثم أيسر فلا شيء عليه؛ لأن الأمر بصدقة الفطر تعلق باليوم، لقوله ÷: «أغنوهم في هذا اليوم»، فأشار إلى يوم الفطر.

  وعن ابن عمر: أمرنا رسول الله بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة. فعلق الأمر باليوم، على أن المسألة وفاق، فلا وجه لتقصي الكلام فيها.

فصل: [في مصرف زكاة الفطر]

  التبست لفظة ليحيى بن الحسين # في المنتخب⁣(⁣٢) على بعض أصحابنا، فظن أنها تقتضي أن من ملك قوت عشرة أيام فليس له أن يأخذ زكاة الفطر، وهذا غلط؛ لأن السائل سأله عمن يأخذ زكاة الفطر ولا يخرجها، فقال مجيباً له: من لم يملك قوت عشرة أيام، فظن القارئ لذلك أن من له أخذ زكاة الفطر هو الذي لا يملك قوت عشرة أيام، وليس الأمر كذلك؛ لأن السائل لم يسأل عمن له أخذ زكاة الفطر مطلقاً، وإنما سأله عمن يجمع أمرين: أحدهما: أخذها، والثاني: ترك إعطائها، فأجاب بأن الذي يجمع بين الأمرين هو الذي لا يملك قوت عشرة أيام.


(١) شرح مختصر الطحاوي (٢/ ٣٥٤)، وأخرجه النسائي (٥/ ٤٥).

(٢) المنتخب (١٨٢).