شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يجب فيه الخمس

صفحة 200 - الجزء 2

  وروي عن عوف بن مالك أنه قال: قلت لخالد بن الوليد يوم مؤتة: ألم تعلم أن رسول الله ÷ لم يخمس السلب؟ فقال: نعم⁣(⁣١).

  قيل له: أما ما روي أنه أعطى عدة من القاتلين الأسلاب⁣(⁣٢) ولم يرو أنه أخذ منها الخمس فإنه يحتمل أن يكون أخذ ÷ الخمس منها ولم يرو، كما أنه لم يرو في كثير من الحديث ما الذي جعل سلباً وما الذي لم يجعل سلباً، ولم يرو أنه جعله للقاتل مع تقدم قوله عند اللقاء: «من قتل قتيلاً فله سلبه» أو كان ذلك بغير تقدم هذا القول منه ÷، فلما جاز ترك رواية سائر ما ذكرنا لم يمتنع أن يكون ترك رواية أخذ الخمس [منها]⁣(⁣٣) وإن كان قد أخذ، ويحتمل أيضاً أن يكون ÷ ترك الخمس على القاتل على سبيل التنفيل، فلا يدل ذلك على أنه غير واجب.

  وأما قول عوف بن مالك لخالد بن الوليد: ألم تعلم أن رسول الله ÷ لم يخمس السلب؟ فقال: نعم، فهو أيضاً لا يدل على أنه لا يجب الخمس؛ لأنه لا يمتنع أن يكون ÷ ترك ذلك على سبيل التنفيل، فإذا احتمل ما ذكرناه دلت الآية والخبر الذي اعتمدناه على أن السلب يخمس كسائر الغنائم.

  وروى الطحاوي بإسناده عن الزهري، عن القاسم بن محمد، عن ابن عباس، قال: كنت جالساً عنده، فأقبل رجل من أهل العراق فسأله عن السلب، فقال: «السلب من النفل، وفي النفل الخمس»⁣(⁣٤)، فدل ذلك على أنه أوجب الخمس فيه، ولم يرو عن أحد من الصحابة خلافه.

  فإن قيل: روي أن البراء بن مالك لما قتل المرزبان بلغ سلبه ثلاثين ألف


(١) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ٢٢٦) وفيه: قال: بلى.

(٢) في (ب، ج): السلب.

(٣) ما بين المعقوفين من (ب).

(٤) شرح معاني الآثار (٣/ ٢٣٠).