شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الزكاة

صفحة 201 - الجزء 2

  درهم، فقال عمر: إنا كنا حين نسلب لا نخمس الأسلاب، وإن سلب البراء قد بلغ مالاً، ولا أرانا إلا خامسيه⁣(⁣١). فقوم ثلاثين ألف درهم، ودفع إلى عمر ستة آلاف. فدل قوله: إنا كنا لا نخمس الأسلاب على أنه رأى أن أخذ الخمس منها غير واجب.

  قيل له: هذا لا يدل على ما ذكرت؛ لأن عندنا أن للإمام أن ينفل، فيجوز أن يكون ترك الخمس منها على سبيل التنفيل، وأخذه الخمس من سلب المرزبان دال على وجوب أخذه؛ لأنه لو لم يجب أخذه وكان القاتل قد استحقه لم يجز أخذه، فالأخذ يدل على أنه رآه واجباً، لولاه لم يكن يجوز أخذه، وتركه لا يدل على أنه لم يكن واجباً؛ إذ جائز أن يكون تركه على سبيل التنفيل، فإذا ثبت ذلك ولم يرو أن أحداً أنكره جرى مجرى الإجماع بين الصحابة.

  والقياس يدل على أن في السلب الخمس، وذلك أنه مقيس على سائر الغنائم، والمعنى أنه مال استحقه المسلم على العدو بالغلبة، فكل مال هذه سبيله يجب أن يخمس.

  فإن قيل: سبيل السلب سبيل ما يأخذه الإنسان على عمله، كالأجرة وما جرى مجراها، فلا يجب أن يخمس.

  قيل له: إنه وإن شابه العوض على العمل فليس هو بأجرة صحيحة، وسبيله سبيل الغنائم؛ لأن سائر الغنائم أيضاً يصير للغانمين على سبيل العوض على أعمالهم - ألا ترى أن من لم⁣(⁣٢) يحضر الوقعة لا يضرب له في الغنيمة بسهم؟ - ومع ذلك يجب فيه الخمس، فكذلك يجب أن يكون حكم السلب.


(١) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٣/ ٢٢٩).

(٢) في (ب، ج): لا.