شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصوم

صفحة 228 - الجزء 2

  الرؤيتين وبين وقت زكاة الفطر أكثر من الزمان الذي بين الرؤية الأخرى وبين وقت زكاة الفطر، وكثرة الزمان في هذا الباب لا تأثير له.

  فإن قيل: إن هذه الشهادة تلزم مقيمها نفسه من الفرض ما يلزم غيره، فوجب أن يكون طريقها الخبر، وأن يقبل فيها الواحد.

  قيل له: هذا منتقض بشهادة الفطر؛ لأنه يلزم نفسه زكاة الفطر كما يلزم غيره، ولا خلاف أن أحد الورثة إذا شهد بحق على الموروث أنه لا يحكم به، وإن كان يلزمه بشهادة نفسه من الفرض ما يلزم غيره.

  فإن قيل: الاحتياط يقتضي الصوم بشهادة الواحد.

  قيل له: لا احتياط في ذلك؛ لأن الخلاف ما وقع في الصوم؛ ألا ترى أنا نختار صيام يوم الشك وإن لم تكن شهادة؟ وإنما الخلاف في صيامه على طريق الوجوب، وليس من الاحتياط إيجاب ما ليس بواجب، على أنه يؤدي إلى أن يكون الإفطار بشهادة الواحد، أو بصيام أكثر من شهر، وكلاهما فاسد، فكيف يدعى فيه الاحتياط؟ على أن كونه مؤدياً إلى أن يفطر بشهادة الواحد أو بصيام أكثر من شهر يرجح قياسناً.

  وقلنا: إنه إذا كان في السماء علة يعد الشهر ثلاثين يوماً لما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال النبي ÷: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حالت دونه غياية فأكملوا ثلاثين»⁣(⁣١).

  وروى ابن أبي شيبة بإسناده عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن النبي ÷ ذكر الهلال فقال: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين»⁣(⁣٢).


(١) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٢٨٤).

(٢) مصنف ابن أبي شيبة (٢/ ٢٨٤).