شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية الدخول في الصوم

صفحة 229 - الجزء 2

  وروى أبو داود في السنن بإسناده عن عائشة قالت: كان رسول الله ÷ يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غم عليه، عد ثلاثين يوماً ثم صام⁣(⁣١).

  وفي بعض الأخبار: «فإن غم عليكم فعدوا شعبان ثلاثين يوماً»⁣(⁣٢).

  وما روي عن النبي ÷ من النهي عن الصوم في يوم الشك يحقق ذلك.

  ومعنى إكمال شعبان عندنا هو ألا يصوم يوم الشك على أنه من رمضان قطعاً؛ لأنه لم يصمه كذلك بكون اليوم معدوداً من شعبان، وإلا فالمستحب عندنا هو الصوم في ذلك اليوم على ما يجيء القول فيه.

فصل: [في قبول الشهادة بالرؤية مع الصحو]

  الهادي # لم يفصل في قبول الشهادة بين أن تكون السماء مصحية لا علة فيها وبين أن تكون السماء مغيمة، فاقتضى ظاهر قوله جواز قبولها مع الصحو، خلافاً لأبي حنيفة في منعه قبولها مع الصحو.

  والأصل في ذلك: ما روي عن النبي ÷: أنه أمرنا أن ننسك إذا لم تكن رؤية إذا شهد ذوا عدل، وليس فيه ذكر الغيم، وعمومه يسوي بين حال الصحو وحال الغيم.

  وكذلك ما روي عن الأعرابيين اللذين وفدا على رسول الله ÷ فسألهما: «أمسلمان أنتما»؟ فقالا: نعم، فقال: «أهللتما»؟ قالا: نعم، ليس فيه ذكر الغيم والصحو.

  وكذلك حديث ابن عمر، وحديث الأعرابي، فكل ذلك يبين أن لا فرق بين الصحو والغيم.

  وما روي عن علي #: (إذا شهد ذوا عدل فصوموا وأفطروا)، يقتضي التسوية بين الصحو والغيم.


(١) سنن أبي داود (٢/ ١٦٦).

(٢) أخرجه الدارقطني في السنن (٣/ ١٠٥، ١٠٦)، والبيهقي في السنن الكبرى (٤/ ٣٥١).