شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية الدخول في الصوم

صفحة 230 - الجزء 2

  وفيه من جهة النظر أنه لا خلاف في جواز قبول الشهادة إذا كانت السماء مغيمة، فكذلك إذا كانت مصحية، والمعنى أنها شهادة على الأهلة، فيجب أن يستوي فيها حال الغيم وحال الصحو.

  فإن قيل: يمتنع ذلك من قبل أنها إذا كانت مصحية فلا يجوز أن تقع الرؤية للواحد والاثنين والثلاثة دون أن تحصل للجماعات الكثيرة؛ لأن الدواعي تدعوا إلى طلب الرؤية، وإذا طلبوها وجب أن يروا، فإذا لم يروا كان ذلك كالتهمة في قول الواحد والاثنين.

  قيل له: هذا الذي ادعيتموه في أن الواحد إذا رأى ولا علة يجب أن يراه الجماعة غير صحيح؛ لأنه لا يمتنع أن يعرض الخطأ في السماء، أو يكون الواحد أحد بصراً من غيره، وإنما تصح تلك الطريقة في المرئي إذا لم يكن هناك منع، وهاهنا مانع ظاهر، وهو البعد، فلا يمتنع ما ذكرناه، وإذا لم يمتنع لم يجب أن يصير ما ذكرتموه تهمة.

فصل: [في الرد على من لم يعتبر برؤية الهلال وقال إن الصوم والإفطار يجب أن يتقدما عليها]

  ذهب بعض الجهال من الشيعة إلى أنه لا اعتبار بالرؤية، وأن الهلال إذا رؤي عشية كان ذلك اليوم من الشهر الجديد، وقالوا في قوله: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته»: إن الصوم والإفطار يجب أن يتقدما على الرؤية، كما أن القائل إذا قال: «تسلح للحرب» يجب أن يكون التسلح قبل الحرب، وإذا قال: «تطهر للصلاة» يجب أن يكون التطهر قبل الصلاة، وهذا قول خارج عن إجماع المسلمين، وليس يحفظ عن أحد من السلف، ولم يكن سبيل مثل هذا أن يذكر في هذا الكتاب، إلا أن قوماً من الجهال قد اغتروا به، ويحجهم أن النبي ÷ أمر بالصوم بعد ما شهدوا عنده على الرؤية في حديث الأعرابيين، وحديث ابن عمر، وحديث الأعرابي.