شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية الدخول في الصوم

صفحة 240 - الجزء 2

  استدلالهم؛ لأنهم إن استدلوا بقوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ اُ۬لشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُۖ}⁣[البقرة: ١٨٤] منعناهم من ذلك، وإن قالوا: إنه أخذ علينا صيام هذا اليوم، فعلى أي وجه صامه فقد امتثله - لم يصح ذلك؛ إذ لا نسلم أنه صامه، على أن قلبنا⁣(⁣١) القياس عليهم أسعد من ابتدائهم به، وذلك أنا بالقلب ثبتنا مذهبنا من غير واسطة؛ لأنا منعنا به صحة الفرض به⁣(⁣٢)، وهم أثبتوا بابتداء قياسهم الفرض بواسطة، وذلك أن قياسهم أفاد أنه صائم فقط، ثم تطرقوا بذلك⁣(⁣٣) إلى أن قالوا: إذا ثبت كونه صائماً فلا قول بعد ذلك إلا القول بأنه واقع عن فرضه.

  ثم الأصول تشهد لنا؛ لأن حكم النية في الأصول أن يكون مطابقاً⁣(⁣٤) للمنوي في الوجوب والندب.

المسألة الثالثة: [أن النية يجب أن تقع لصوم يوم الشك مشروطة]

  ذهب أبو حنيفة إلى أن [صوم] يوم الشك يجب أن يكون بنية شعبان، وعندنا أنه يجب أن ينوي الفرض إن كان من رمضان، والتطوع إن كان من شعبان، وحكي أنه مذهب أبي هاشم.

  ووجه المسألة أنا قد بينا فيما تقدم أن صوم رمضان لا يجزي بنية التطوع، فإذا ثبت ذلك، وثبت أن يوم الشك يصام احتياطاً لرمضان، وثبت أنه لا يجوز قطعاً من رمضان - لم يبق إلا أن يصام على ما ذكرنا. على أنه لا خلاف بيننا وبين المستحبين لصيامه أنه يصام وينوى التطوع، وإنما الخلاف في نية الفرض [وقد اتفقنا على أنه إذا شهد شاهد واحد بالرؤية يجوز أن ينوى الفرض]⁣(⁣٥) فكذلك


(١) في (ب): أنا بقلبنا.

(٢) «به» ساقط من (ب).

(٣) في (أ، ب، د): من ذلك. وفي النسخ الثلاث: «بذلك» نسخة.

(٤) كذا في المخطوطات. ولعلها: أن تكون مطابقة، كما يأتي نحوه في الصفحة الآتية.

(٥) ما بين المعقوفين من (ج)، وفي هامش (أ، ب، د): هنا سقط، ولفظه في شرح القاضي زيد: وقد اتفقنا ... إلى آخر ما بين المعقوفين.