شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الصوم

صفحة 246 - الجزء 2

  فإن قيل: العلة في جواز النية قبل الزوال أنها حصلت لأكثر النهار.

  قيل له: هذه علة مقتصرة لا تتعدى، وعندكم أن العلل المقتصرة لا تصح، على أنها لو صحت لقلنا بالعلتين. على أن أصول الصوم تشهد لقياسنا؛ لأنا وجدنا كل ما أفسد الصوم لا ينفصل بين أن يكون قبل الزوال أو بعده، وهذا مما يمكن أن يجعل قياساً؛ إذ قد ثبت بأن تأخيرها عن الفجر لا يفسد الصوم، فكذلك تأخيرها عن الزوال، قياساً على سائر ما لا يفسد. والرؤية أيضاً تشهد لنا أنه لا فصل بين حصولها قبل الزوال وبعده.

  وروي نحو قولنا عن علي وعبدالله وحذيفة.

  أخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، قال: حدثنا أبو بكرة، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا زهير بن معاوية، قال: حدثنا أبو إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبدالله قال: «متى أصبحت يوماً فأنت بأحد النظرين ما لم تطعم، فإن شئت فصم وإن شئت فأفطر»⁣(⁣١).

  وأخبرنا أبو بكر المقرئ، قال: حدثنا الطحاوي، عن أبي بكرة، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا [زهير، قال: حدثنا]⁣(⁣٢) أبو إسحاق، عن الحارث الأعور، عن علي # مثله⁣(⁣٣).

  فدل ذلك على قولنا؛ ألا ترى أنه قال: «متى أصبحت يوماً»، فاقتضى ذلك شهر رمضان وغيره، ثم قال: «ما لم تطعم»، فاستوى في ذلك قبل الزوال وبعده؟

  فإن قيل: كيف يجوز أن يحمل ذلك على صوم رمضان، وقد قال: إن شئت فصم وإن شئت فأفطر؟


(١) شرح معاني الآثار (٢/ ٥٦).

(٢) ما بين المعقوفين من شرح معاني الآثار.

(٣) شرح معاني الآثار (٢/ ٥٦).