باب القول فيما يستحب ويكره للصائم
  وقد روي أن النبي ÷ كان يقبل وهو صائم، وكان أملككم لإربه.
  وروى أبو داود في السنن يرفعه إلى أبي هريرة أن رجلاً سأل النبي ÷ عن المباشرة للصائم فرخص له، وأتاه آخر فسأله فنهاه، فالذي رخص له شيخ، والذي نهاه شاب(١). فحقق ذلك ما ذكرنا.
  وقلنا: إنه يتحرز عند السواك لئلا يدخل حلقه شيء من غير ريقه؛ لأنه يؤدي إلى إفساد الصوم، وكان القياس أن يكون الريق أيضاً يفطر؛ لأن حكم الفم حكم الخارج، بدلالة أن وصول المطعوم والمشروب إليه لا يفسد الصوم، لكنه سومح فيه لتعذر الاحتراز منه، فما عدا الريق مما يصل إلى الفم من خارجه مفسد.
  وكرهنا السعوط لأنه ربما يصير إلى الحلق ويجري إلى الجوف، وما وصل إلى الحلق وجرى إلى الجوف أفسد الصوم، فيجب على هذا أن يكون سبيل السعوط سبيل المبالغة في الاستنشاق الذي نهى عنه النبي ÷.
مسألة: [في استحباب الإمساك لمن أبيح له الإفطار إذا زال عذره، ووجوبه على من أفطر لغير عذر]
  قال: ويستحب للمسافر إذا قدم على أهله وكذلك الحائض إذا طهرت وقد أكلا في بعض النهار أن يمسكا باقي يومهما.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام(٢).
  وقال في المنتخب(٣): من أكل ناسياً أو جامع ناسياً ثم أكل باقي يومه متعمداً لسنا نرى إلا القضاء والتوبة.
  والناسي لا توبة عليه، فإذاً وجوب التوبة لأكله باقي يومه متعمداً.
  وفي الأحكام(٤) عن القاسم #: من تسحر ثم بان له أنه صادف الفجر يتم
(١) سنن أبي داود (٢/ ١٨١).
(٢) الأحكام (١/ ٢٣٧).
(٣) المنتخب (١٧٨).
(٤) الأحكام (١/ ٢٣١).