باب القول فيما يستحب ويكره للصائم
  صومه ويقضي.
  وقال القاسم # في مسائل النيروسي: من نظر فأمنى قضى يوماً ولم يفطر يومه.
  فكان تحصيل المذهب: أن من أبيح له الإفطار فأفطر ثم زال المعنى الذي لأجله أبيح الإفطار فالإمساك مستحب له باقي يومه، ولا يجب، ومن أفسد صومه عمداً أو سهواً مع وجوبه عليه فإمساك باقي يومه واجب عليه.
  قلنا: «إنه إذا أبيح له الإفطار فأفطر لم يجب عليه الإمساك» لأن الإمساك لو وجب لوجب لوجوب الصوم عليه، وقد علمنا أن وجوب الصوم لا يتبعض، فإذا لم يجب عليه في أول النهار لم يجب عليه في آخره، وكذلك الحائض إذا طهرت، وكمن رأى هلال رمضان نهاراً، إنه لما لم يجب عليه الصوم قبلها لم يجب عليه الإمساك بعدها؛ بعلة أن الصوم لم يجب عليه في أول النهار.
  فإن قاسوه على من أكل على أنه من شعبان ثم بان له أنه من رمضان؛ بعلة أنه صار إلى حالة لو كان عليها في الابتداء لم يحل له الإفطار كان ذلك منتقضاً بالحائض تطهر في آخر النهار، ثم قياسناً أولى؛ إذ قد ثبت أن الصوم لا يتبعض وجوبه في شيء من المواضع، وما ذكروه وجب من حيث وجب اليوم كله.
  فإن قيل: قد أمر ÷ يوم عاشوراء من أكل بالإمساك بقية يومه.
  قيل له: عن هذا جوابان: أحدهما: أن الصوم كان لزمهم من أوله، فلما أفسدوا أوله لزمهم الإمساك في باقيه.
  والجواب الثاني: أنهم ابتدأوا به من(١) ذلك الوقت، فكان الإمساك مستحباً.
  والجواب الأول هو الأوضح.
  ووجه استحبابه ما ذكروه هم في باب الوجوب، وليس يمتنع في الاستحباب أن يتبعض حكم اليوم؛ ألا ترى أنه يستحب الإمساك يوم الأضحى
(١) في (أ): في.