شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية

صفحة 268 - الجزء 2

باب القول فيما يفسد الصيام وفيما لا يفسده وفيما يلزم فيه الفدية

  من جامع في شهر رمضان فقد أفسد صومه، وعليه القضاء، ناسياً كان أو متعمداً، ومن تعمد ذلك لزمته التوبة، وكذلك القول فيمن أكل.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣١).

  أما من تعمد الإفطار فلا خلاف فيه أن عليه القضاء والتوبة، والخلاف فيمن أكل أو جامع ناسياً.

  والدليل على ذلك قول الله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ اُ۬لشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُۖ} والصوم هو إمساك مخصوص، فمن ترك الإمساك يكون تاركاً للصوم، وتارك الصوم في رمضان يلزمه القضاء.

  ويدل على ذلك: ما رواه ابن أبي شيبة يرفعه إلى أبي هريرة قال: قال رسول الله ÷: «من أكل ناسياً وهو صائم فليتم صومه، فإن الله أطعمه وسقاه»⁣(⁣٢)، فلما أمره # بإتمام صومه دل ذلك على وجوب القضاء؛ لأن إتمامه لا يكون إلا بأن يقضيه؛ لأن من ترك الإمساك في بعض النهار لا يكون أتم صومه حتى يقضي بدله، ووجوب بدله قضاءٌ لوجوب استكمال اليوم قضاءً؛ إذ الصوم لا يصح فيه التبعيض سواء كان عيناً أو ديناً، وهذا كما قال الله سبحانه: {وَلِتُكْمِلُواْ اُ۬لْعِدَّةَ} يعني: بقضاء ما فات؛ ألا ترى إلى قوله: {وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَيٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَۖ}، ثم قال: {وَلِتُكْمِلُواْ اُ۬لْعِدَّةَ

  فإن قيل: قوله ÷: «فإن الله أطعمه وسقاه» يوجب أن لا شيء عليه.

  قيل له: إنه يقتضي أن لا إثم عليه، فأما سقوط القضاء فلا دليل عليه، والإثم قد يسقط وإن لم يسقط القضاء؛ ألا ترى أن من أكل وهو يحسب أن الفجر لم يطلع ثم علم أن أكله بعد طلوع الفجر فإنه يسقط عنه الإثم ولا يسقط القضاء؟


(١) الأحكام (١/ ٢٢٦، ٢٢٧).

(٢) لم أجده في مصنف ابن أبي شيبة المطبوع ولا في مسنده، والحديث رواه ابن ماجه (١/ ٥٣٥).